داخل عليهم ، يقول العرب : اذهب فاستأنس هل ترى أحدا في الدار؟ أي انظر هل ترى فيها أحدا؟
ويروى أنّ أبا موسى الأشعري أتى منزل عمر بن الخطاب رضياللهعنهما فقال : السلام عليكم أأدخل؟ فقال عمر : واحدة ، فقال أبو موسى : السلام عليكم أأدخل؟ فقال عمر : ثنتان ، قال أبو موسى : السلام عليكم أأدخل؟ ومرّ ، فوجّه عمر بن الخطاب رضى الله عنه خلفه من ردّه فسأله عن صنيعه فقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الاستيذان ثلاثة فإن أذنوا وإلّا فارجع» [٢٤].
فقال عمر : لتأتيني بالبيّنة أو لأعاقبنّك ، فانطلق أبو موسى فأتاه بمن سمع ذلك معه (١).
وعن عطاء بن يسار أنّ رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : أستأذن على امّي؟ قال : «نعم» ، قال : «إنها ليس لها خادم غيري أفأستأذن كلّما دخلت؟ قال : «أتحبّ أن تراها عريانة»؟ قال الرجل : لا ، قال : «فاستأذن عليها» (٢).
وأخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد بن علي قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن وهب قال : حدّثنا محمد بن حميد قال : حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من اطّلع في بيت بغير إذنهم فقد حلّ لهم ان يفقئوا عينه» [٢٥] (٣).
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شبّه قال : حدّثنا الحضرمي قال : حدّثنا أبو بكر قال : حدّثنا ابن عيينة عن الزهري أنه سمع سهل بن سعد يقول : اطّلع رجل في حجرة من حجر النبي صلىاللهعليهوسلم ومعه مدرى يحكّ به رأسه ، فقال : «لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك ، إنّما الاستيذان من النظر» [٢٦] (٤).
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها) أي في البيوت (أَحَداً) يأذن لكم في دخولها (فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا) ولا تقفوا على أبوابهم ولا تلازموها (هُوَ) أي الرجوع (أَزْكى) أطهر وأصلح (لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
فلمّا نزلت هذه الآية قال أبو بكر : يا رسول الله أرأيت الخانات والمساكن في طرق الشام
__________________
(١) صحيح ابن حبّان : ١٣ / ١٢٧.
(٢) جامع البيان للطبري : ١٨ / ١٤٨.
(٣) مسند أحمد : ٢ / ٢٦٦.
(٤) المصنّف : ٨ / ٣٩٥. والعبارة فيه : من البصر ، بدل : من النظر.