وأخبرني الحسين قال : حدّثنا عمر بن الخطاب قال : حدّثنا محمد بن إسحاق قال : حدّثنا إسماعيل بن يزيد قال : حدّثنا داود عن الصلت بن دينار قال : حدّثنا عقبة بن صهبان قال : دخلت على عائشة فسألتها عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ...) فقالت لي : يا بني كلّهم في الجنة ؛ أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم شهد له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالجنة ، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به ، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلكم فجعلت نفسها معنا.
وقال مجاهد والحسن وقتادة : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) قالوا : هم (أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) ... ، (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) هم (أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ... وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) هم (السَّابِقُونَ ... الْمُقَرَّبُونَ) من الناس كلهم.
قال قتادة : فهذا في الدنيا على ثلاث منازل وعند الموت قال الله تعالى : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) إلى قوله : (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (١) ، وفي الآخرة أيضا ، قال عزوجل : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً. فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) إلى قوله : (الْمُقَرَّبُونَ) (٢).
وقال ابن عباس : السابق : المؤمن المخلص ، والمقتصد : المرائي ، والظالم : الكافر بنعمة الله غير الجاحد لها ؛ لأنه حكم للثلاثة بدخول الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) ، وسمعت أبا محمد شيبة بن محمد بن أحمد الشعبي يقول : سمعت أبا بكر بن عبد يقول : قالت عائشة : السابق : الذي أسلم قبل الهجرة ، والمقتصد : الذي أسلم بعد الهجرة ، والظالم : نحن.
وقال بكر بن سهل الدمياطي : الظالم لنفسه : الذي مات على كبيرة ولم يتب منها ، والمقتصد : الذي لم يصب كبيرة ، والسابق بالخيرات : الذي لم يعص الله والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعن الحسن أيضا قال : السابق : من رجحت حسناته ، والمقتصد : من استوى حسناته وسيئاته ، والظالم : الذي ترجح سيئاته على حسناته.
سهل بن عبد الله : السابق : العالم ، والمقتصد : المتعلم ، والظالم : الجاهل ، وعنه أيضا : السابق : الذي اشتغل بمعاده ، والمقتصد : الذي اشتغل بمعاده عن معاشه ، والظالم : الذي اشتغل بمعاشه عن معاده.
وقيل : الظالم : طالب الدنيا ، والمقتصد : طالب العقبى ، والسابق ، طالب المولى.
وقيل : الظالم : المسلم ، والمقتصد : المؤمن ، والسابق : المحسن.
__________________
(١) سورة الواقعة : ٩٠ ـ ٩٤.
(٢) سورة الواقعة : ٧ ـ ١١.