والصف : ترتيب الجمع على خط كالصف في الصلاة والحرب.
(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) يعني الملائكة تزجر السحاب وتسوقه ، وقال قتادة : هي زواجر القرآن.
(فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) يعني جبرائيل والملائكة تتلو كتب الله ، عن مجاهد والسدي ، وقيل : هي جماعة قرّاء القرآن ، وهي كلها جمع الجمع ، فالصافة جمع الصاف ، والصافات جمع الصافة وكذلك أختاها ، وقيل : هو قسم بالله تعالى على تقدير : وربّ الصافات.
(إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) موضع القسم قال مقاتل : لأنّ كفار مكة قالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً)؟ فأقسم الله تعالى بهؤلاء : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) ، وقرأ الأعمش وأبو عمرو وحمزة كلّهم بالإدغام ، والباقون بالبيان.
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) أي مطالع الشمس ؛ وذلك أنّ الله تعالى خلق للشمس ثلاثمائة وستين كوة في المشرق ، وثلاثمائة وستين كوة في المغرب على عدد أيام السنة تطلع كل يوم من كوة منها وتغرب في كوة منها فهي المشارق والمغارب.
حدّثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي إملاء قال : حدّثنا أبو العباس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي إملاء قال : حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عمر بن منيع ـ صدوق ثقة ـ قال : حدّثنا ابن عليه عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة قال : قال ابن عباس : إنّ الشمس تطلع كل سنة في ثلاثمائة وستين كوة تطلّع كل يوم في كوة ولا ترجع إلى تلك الكوة إلّا ذلك اليوم من العام القابل ، ولا تطلع إلّا وهي كارهة ، فتقول : ربّ لا تطلعني على عبادك ؛ فإني أراهم يعصونك ويعملون بمعاصيك أراهم. قال : أو لم تسمعوا إلى ما قال أمية بن أبي الصلت : ... حتى تجر وتجلد؟
قلت : يا مولاي وتجلد الشمس؟ قال : عضضت بهن أبيك ، إنما اضطره الروي إلى الجلد.
وقيل : وكل موضع شرقت عليه الشمس فهو مشرق ، وكل موضع غربت عليه فهو مغرب ، كأنه أراد ربّ جميع ما شرقت عليه الشمس (١).
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) قرأ عاصم برواية أبي بكر (بِزِينَةٍ) منونة (الْكَواكِبَ) نصبا ، يعني بتزييننا الكواكب ، وقيل : أعني الكواكب ، وقرأ حمزة وعاصم في سائر الروايات (بِزِينَةٍ) منونة. (الْكَواكِبِ) خفضا على البدل ، أي بزينة الكواكب.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢٩ / ١٠٩.