وقرأ الباقون بِزِينَةِ الْكَواكِبِ مضافة. قال ابن عباس : يعني بضوء الكواكب.
(وَحِفْظاً) أي وحفظناها حفظا ، أو وجعلناها أيضا حفظا ، وذلك شائع في اللغة (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) : خبيث خال عن الخير.
(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) كأنه قال : فلا يسمعون. قرأ أهل الكوفة (يَسَّمَّعُونَ) بالتشديد ، أي يتسمعون ، قال مجاهد : كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون ، وهو اختيار أبي عبيد ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، وهو اختيار أبي حاتم ، (إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) يعني الكتبة من الملائكة في السماء (وَيُقْذَفُونَ) ، ويرمون (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) من آفاق السماء.
(دُحُوراً) يبعدونهم عن مجالس الملائكة ، والدحر والدحور : الطرد والإبعاد ، (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) : دائم ، نظيره قوله سبحانه : (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) (١) ، وقال ابن عباس : شديد.
الكلبي : موجع ، وقيل : خالص.
(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) : مسارق فسمع الكلمة ، (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) : تبعه ولحقه كوكب مضيء قوي لا يخطئه يقتل أو يحرق أو يحيل ، وإنما يعودون إلى استراق السمع مع علمهم بأنهم لا يصلون إليه ؛ طمعا في السلامة ونيل المراد كراكب البحر.
(فَاسْتَفْتِهِمْ) فسلهم ، يعني : أهل مكة (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا) يعني : من الأمم الخالية ، وقد أهلكناهم بذنوبهم ، وقيل : يعني السماوات والأرض وما بينهما.
نزلت في أبي الأسد بن كلدة ، وقيل : أبيّ بن أسد ، وسمّي بالأسدين ؛ لشدة بطشه وقوته ، نظيرها : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (٢) وقوله سبحانه (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) (٣).
(إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) أي جيد حر يلصق ويعلق ، باليد ومعناه اللازم تبدل الميم كأنه يلزم اليد ، وقال السدي : خالص. قال مجاهد والضحاك : [الرمل] (٤).
(بَلْ عَجِبْتَ) قرأ حمزة والكسائي وخلف (عَجِبْتُ) بضم التاء ـ وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس على معنى أنهم قد حلّوا محل من تعجّب منهم ، وقال الحسين بن الفضل : العجب من الله ، إنكار الشيء وتعظيمه وهو لغة العرب ، وقد جاء في الخبر : عجب ربكم من إلّكم وقنوطكم والخبر الآخر : إنّ الله ليعجب من الشاب إذا لم يكن له صبوة ونحوها ، وسمعت أبا
__________________
(١) سورة النحل : ٥٢.
(٢) سورة غافر : ٥٧.
(٣) سورة النازعات : ٢٧.
(٤) تفسير الطبري : ١٤ / ٤٠ ، ونقل عن مجاهد قوله : اللازب : اللازم.