القاسم الحسن بن محمد النيسابوري يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن علي البغدادي يقول : سئل جنيد عن هذه الآية فقال : إنّ الله لا يعجب من شيء ، ولكنّ الله وافق رسوله لمّا عجب رسوله ، فقال : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) (١). أي هو لما يقوله.
وقرأ الآخرون بفتح التاء على خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهي قراءة شريح القاضي. قال : إنما يعجب من لا يعلم ، والله عنده علم كلّ شيء ، ومعناه ، بل عجبت من تكذيبهم إياك.
(وَيَسْخَرُونَ) وهم يسخرون من تعجّبك.
(وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ) وإذا وعظوا لا يتعظون.
(وَإِذا رَأَوْا آيَةً) يعني انشقاق القمر (يَسْتَسْخِرُونَ) يسخرون وقيل : يستدعي بعضهم بعضا إلى أن يسخر.
(وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ. أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. أَوَآباؤُنَا) يعني : وآباؤنا أو بمعنى الواو (الْأَوَّلُونَ. قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) : صاغرون. (فَإِنَّما هِيَ) يعني : النفخة والقيامة (زَجْرَةٌ) : صيحة (واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) أحياء. (وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ. هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ)
أخبرني الحسن بن محمد المدني قال : حدّثنا محمد بن علي الحسن الصوفي قال : حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا عمّي أبو بكر قال : حدّثنا وكيع عن سفيان عن سماك ، عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) قال : «ضرباءهم» [٨٦] (٢)، وقال ابن عباس : أشباههم. ضحاك ومقاتل : قرناءهم من الشياطين ، كل كافر معه شيطانه في سلسلة. قتادة والكلبي : كل من عمل مثل عملهم ، فأهل الخمر مع أهل الخمر ، وأهل الزنا مع أهل الزنا ، وقال الحسن : وأزواجهم المشركات (٣).
(وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) في الدنيا (فَاهْدُوهُمْ) : فادعوهم ، قاله الضحاك ، وقال ابن عباس : دلّوهم ، وقال ابن كيسان : فدلوهم ، والعرب تسمي السائق هاديا ، ومنه قيل : الرقية هادية السائق ، قال امرؤ القيس :
كأن دماء الهاديات بنحره |
|
عصارة حنا بشيب مرجّل (٤) |
(إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) : طريق النار.
__________________
(١) سورة الرعد : ٥.
(٢) تفسير الطبري : ٢٣ / ٥٦.
(٣) راجع تفسير القرطبي : ١٥ / ٧٣.
(٤) الصحاح : ٦ / ٢٥٣٤.