قال الأخفش : كل كأس في القرآن فهو خمر (مِنْ مَعِينٍ) : خمر جارية في أنهار طاهرة العيون ، ويجوز أن يكون فعيلا من (المعن) وهو الإسراع والشدة من (أمعن في الأمر) إذا اشتدّ دخوله فيه. يعني : خمرا شديدة الجري سريعته.
(بَيْضاءَ) أي صافية في نهاية اللطافة و (لَذَّةٍ) : لذيذة (لِلشَّارِبِينَ * لا فِيها غَوْلٌ) أي إثم عن الكلبي ، نظيره (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) (١). قتادة : وجع البطن. الحسن : صداع. مجاهد :داء. ابن كيسان : مغص. الشعبي : لا تغتال عقولهم فتذهب بها ، وقال أهل المعاني : الغول : فساد يلحق في خفاء ، يقال : اغتاله اغتيالا إذا فسد عليه أمره في خفية ، ومنه الغول والغيلة وهو القتل خفية.
(وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) قرأ حمزة والكسائي وخلف : بكسر الزاي هاهنا وفي سورة الواقعة ، وافقهم عاصم في الواقعة. الباقون : بفتح الزاي فيهما. فمن فتح الزاي ، فمعناه : لا تغلبهم على عقولهم ولا يسكرون ، يقال : نزف الرجل فهو منزوف ونزيف ، إذا سكر وزال عقله ، قال الشاعر (٢) :
فلثمت فاها آخذا بقرونها |
|
شرب النزيف ببرد ماء الحشرج |
أي السكران ، ومن كسر الزاي فمعناه : لا ينفد شرابهم. يقال : أنزف الرجل فهو منزوف إذا فنيت خمره. قال الحطيئة :
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم |
|
لبئس الندامى كنتم آل أبجرا (٣) |
(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) : حابسات الأعين ، غاضّات الجفون ، قصرن أعينهن عن غير أزواجهن ، فلا ينظرن إلّا إلى أزواجهنّ (عِينٌ) نجل العيون حسانها ، واحدتها : عيناء ، يقال : رجل أعين وامرأة عيناء ورجال ونساء عين.
(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ) : جمع البيضة (مَكْنُونٌ) مستور مصون. قال الحسن وابن زيد شبههن ببيض النعامة تكنها (٤) بالريش من الريح والغبار (٥) ، وقيل : شبههن ببطن البيض قبل أن يقشر ، وهو معنى قول ابن عباس ، وإنما ذكّر المكنون والبيض جمع ؛ لأنه ردّه إلى اللفظ.
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) في الجنة. (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) في
__________________
(١) سورة الطور : ٢٣.
(٢) الصحاح : ١ / ٣٠٦.
(٣) لسان العرب : ٩ / ٣٢٧.
(٤) تكنها : تحميها ، والكن : كل شيء وقى شيئا ، راجع كتاب العين : ٥ / ٢٨١.
(٥) راجع تفسير القرطبي : ١٥ / ٨٠ ، وفتح القدير : ٤ / ٣٩٤.