قال ابن عباس : فو الذي نفسي بيده ، لقد كان أوّل الإسلام ، وإنّ رأس الكبش لمعلّق بقرنيه في ميزاب الكعبة.
قال السدّي : فلما أخذ إبراهيم عليهالسلام الكبش خلّى عن ابنه ، وأكبّ عليه وهو يقبّله ويقول : «يا بني وهبت لي» ، ثم رجع إلى سارة فأخبرها الخبر ، فجزعت سارة وقالت : يا إبراهيم ، أردت أن تذبح ابني ولا تعلمني؟ [١٠١].
وروى أبو هريرة عن كعب الأحبار وابن إسحاق عن رجاله قالوا : لما أري إبراهيم عليهالسلام ذبح ابنه قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم ، لا أفتن منهم أحدا أبدا.
فتمثل لهم الشيطان رجلا وأتى أمّ الغلام فقال لها : هل تدرين أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت : ذهب به يحطبنا من هذا الشعب. قال : لا والله ما ذهب به إلّا ليذبحه. قالت : كلا هو أرحم به وأشدّ حبّا له من ذلك. قال : إنه يزعم أنّ الله أمره بذلك. قالت : فإن كان ربه أمره بذلك فقد أحسن أن يطيع ربه ، وسلّمنا لأمر الله عزوجل.
فخرج الشيطان من عندها حتى أدرك الابن وهو يمشي على إثر أبيه فقال له : يا غلام هل تدري أين يذهب أبوك؟ قال : «يحطب أهلنا من هذا الشعب». قال : والله ما يريد إلّا أن يذبحك. قال : «ولم».
قال : زعم أنّ ربه أمره بذلك ، قال : «فليفعل ما أمره به ربه ، فسمعا وطاعة».
فلما امتنع منه الغلام أقبل على إبراهيم ، فقال له : أين تريد أيّها الشيخ؟ قال : «أريد هذا الشعب لحاجة لي فيه». فقال : والله إني لأرى الشيطان قد جاءك في منامك ، فأمرك بذبح بنيّك هذا. فعرفه إبراهيم فقال : «إليك عنّي يا عدوّ الله ، فو الله لأمضينّ لأمر الله» [١٠٢] (١).
وروى أبو الطفيل عن ابن عباس أنّ إبراهيم لما أمر بذبح ابنه ، عرض له الشيطان بهذا المشعر فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم أدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم مضى بأمر الله عزوجل في ذلك.
وقال أمية بن أبي الصلت : (٢)
ولإبراهيم الموفي بالنذر |
|
احتسابا وحامل الأحدال |
بكره لم يكن ليصبر عنه |
|
لو يراه في معشر أقتال |
يا بني إني نذرتك لله |
|
شحيطا فاصبر فدى لك حالي |
__________________
(١) تاريخ الطبري : ١ / ١٩٢ ذكر الخبر عن صفة فعل إبراهيم وابنه.
(٢) الأبيات بكاملها في تاريخ الطبري : ١ / ١٩٥ ذكر خبر إبراهيم وابنه.