واشدد الصفد لا أحيد عن السكين |
|
حيد الأسير ذي الأغلال |
وله مدية تخايل في اللحم |
|
هذام حنية كالهلال |
بينما يخلع السرابيل عنه |
|
فكّه ربّه بكبش حلال |
قال خذه ذا وأرسل ابنك إني |
|
للذي قد فعلتما غير قال |
ربما تجزع النفوس من الأمر |
|
له فرجة كحل العقال |
فهذه قصة الذبح كما قال الله سبحانه : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) قال ابن عباس : يعني المشي مع أبيه إلى الحيل (١). قال الحسن ومقاتل بن حيان : يحني العقل الذي يقوم به الحجة ، وقال الضحاك : يعني الحركة ، وقال ابن زيد : [هو السعي في] العبادة.
(يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ) : رأيت في المنام (أَنِّي أَذْبَحُكَ) لنذر عليّ فيك أمرت بذلك ، وذلك أنّ إبراهيم عليهالسلام رأى ليلة التروية كأن قائلا يقول له : إنّ الله يأمرك بذبح ابنك هذا. فلما أصبح روّى في نفسه ـ أي فكّر ـ من الصباح إلى الرواح أمن الله هذا الحكم أو من الشيطان؟ فمن ثم سمّي يوم التروية. فلما أمسى رأى في المنام ثانيا ما رآه من ذبح الولد ، فلما أصبح عرف أنّ ذلك الحكم من الله ، فمن ثم سمّي يوم عرفة.
وقال : مقاتل : رأى ذلك إبراهيم ثلاث ليال متتابعات ، وقال عطاء ومقاتل : أمر إبراهيم أن يذبح ابنه ببيت المقدس فلما تيقّن ذلك أخبر ابنه فقال لابنه (فَانْظُرْ ما ذا تَرى)؟ قرأ العامة بفتح التاء ، وقرأ حمزة والكسائي (تُرِي) بضم التاء وكسر الراء ـ أي ماذا تشير؟ وإنما جاز أن يؤامر ابنه في المضي لأمر الله ؛ لأنه أحبّ أن يعلم صبره على أمر الله وعزمه على طاعته فقال له ابنه : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
(فَلَمَّا أَسْلَما) أي انقادا وخضعا لأمر الله سبحانه وتعالى ورضيا به ، وقرأ ابن مسعود (فلما سلّما) أي فوّضا ، وقرأ ابن عباس (استسلما). قال قتادة : أسلم هذا ابنه وهذا نفسه (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) أي صرعه وأضجعه وكبّه على وجهه للذّبح (وَنادَيْناهُ) ، قال أهل المعاني : (الواو) مقحمة صلة ، مجازه : ناديناه ، كقوله : (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا) (٢) يعني : أوحينا ، وقوله : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ) (٣) وقال امرؤ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحيّ وانتحى (٤)
__________________
(١) في تفسير القرطبي ١٥ / ٩٩ : وقال ابن عباس : هو احتلام ، قتادة : مشى مع أبيه
(٢) سورة يوسف : ١٥.
(٣) سورة الأنبياء : ٩٦.
(٤) لسان العرب : ٥ / ٣٢٦.