وملكها بوّأها بني إسرائيل وقسّمها بينهم ، فأحلّ سبطا منهم بعلبك ونواحيها ، وهم سبط إلياس الذي كان منهم إلياس فبعثه الله إليهم نبيّا ، وعليهم يومئذ ملك يقال له : [أجب] (١) قد ضلّ أضل قومه ، وأجبرهم على عبادة الأصنام ، وكان يعبد هو وقومه صنما يقال له : بعل ، وكان طوله عشرين ذراعا ، وكانت له أربعة وجوه. قال : فجعل إلياس يدعوهم إلى الله سبحانه ، وهم في كلّ ذلك لا يسمعون منه شيئا إلّا ما كان من أمر الملك الذي كان ببعلبك ، فإنه آمن به وصدّقه وكان إلياس يقوم أمره ويسدده ويرشده وكان (٢) لأجب الملك هذا امرأة يقال لها أزبيل (٣) ، وكان يستخلفها على رعيته إذا غاب عنهم في غزاة أو غيرها ، فكانت تبرز للناس كما يبرز زوجها وتركب كما يركب ، وتجلس في مجلس القضاء فتقضي بين الناس ، وكانت قتّالة للأنبياء.
قال : وكان لها كاتب رجل مؤمن حكيم يكتمها إيمانه ، وكان كاتبها قد خلّص من يدها ثلاثمائة نبي كانت تريد قتل كل (٤) واحد منهم إذا بعث سوى الذين قبلهم ممن يكثر عددهم ، وكانت في نفسها غير محصنة ، ولم يكن على وجه الأرض أفحش منها ، وهي مع ذلك قد تزوجت سبعة (٥) ملوك من بني إسرائيل وقتلتهم (٦) كلّهم بالاغتيال ، وكانت معمّرة حتى يقال : إنها ولدت سبعين ولدا.
قال : وكان لأجب هذا جار من بني إسرائيل ، رجل صالح يقال له (مزدكي) وكانت له جنينة يعيش منها ويقبل على عمارتها ويزينها ، وكانت الجنينة إلى جانب قصر الملك وامرأته ، وكانا (٧) يشرفان على تلك الجنينة يتنزهان فيها ويأكلان ويشربان ويقيلان فيها ، وكان أجب الملك مع ذلك يحسن إليه ، وامرأته أزبيل تحسده على ذلك لأجل تلك الجنينة ، وتحتال في أن تغصبها إياه لما تسمع الناس يكثرون ذكر الجنينة ويتعجبون من حسنها ، ويقولون : ما أحرى أن تكون هذه الجنينة لأهل هذا القصر! ويتعجبون من الملك وامرأته كيف لم يغصباها صاحبها. فلم تزل امرأة الملك تحتال على العبد الصالح مزدكي في أن تقتله وتأخذ جنينة والملك ينهاها عن ذلك فلا تجد عليه سبيلا.
ثم إنه اتفق خروج الملك إلى سفر بعيد ، وطالت غيبته ، فاغتنمت امرأته أزبيل ذلك للحيلة
__________________
(١) ضبطه المصنّف في عرائس المجالس : ١٩٢ ـ ١٩٩ ، بلفظ : لاجب.
(٢) قوله : آمن به وصدّقه .. ، وكان ، وردت في هامش المخطوط على أنها سقط ، وفي ضمن المتن من عرائس المجالس.
(٣) ضبطه المصنّف في المصدر نفسه بلفظ : أربيل.
(٤) من عرائس المجالس ، وفي المخطوط : رجل.
(٥) في المخطوط : سبع.
(٦) من عرائس المجالس ، وفي المخطوط : قتلت.
(٧) من عرائس المجالس ، وفي المخطوط : كان.