قال ابن عبّاس : إن الله تعالى جعل لكل إنسان منزلا في الجنّة وأهلا ، فمن عمل بطاعة الله تعالى كان له ذلك المنزل والأهل ، ومن عمل بمعصية الله [أخذه] (١) الله تعالى إلى النار ، وكان المنزل ميراثا لمن عمل بطاعة الله إلى ما كان له قبل ذلك وهو قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) (٢).
(لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ) أطباق وسرادق (مِنَ النَّارِ) ودخانها (وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) مهاد وفراش من نار ، وإنما سمّي الأسفل ظلا ، لأنها ظلل لمن تحتهم ، نظيره قوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) (٣) وقوله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) (٤) وقوله : (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) (٥) وقوله : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) (٦) وقوله سبحانه وتعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (٧).
(ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ * وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ) الأوثان (أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا) رجعوا له (إِلَى اللهِ) إلى عبادة الله (لَهُمُ الْبُشْرى) في الدّنيا بالجنّة وفي العقبى (فَبَشِّرْ عِبادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) أرشده وأهداه إلى الحق.
أخبرنا الحسين بن محمّد الدينوري حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق أخبرنا إبراهيم بن محمّد حدثنا يونس حدثنا ابن وهب أخبرنا يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد عن عبد الله بن زحر عن سعيد بن مسعود قال : قال أبو الدرداء : لولا ثلاث ما أحببت أن أعيش يوما واحدا : الظما بالهواجر ، والسجود في جوف الليل ، ومجالسه أقوام ينتقون من خير الكلام كما ينتقي طيب التمر.
قال قتادة : أحسنه طاعة الله.
وقال السدي : أحسنه ما يرجون به فيعملون به.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ).
عن ابن زيد في قوله : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ) الآيتين : حدثني أبي : أن هاتين الآيتين
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) سورة المؤمنون : ١٠.
(٣) سورة الأعراف : ٤١.
(٤) سورة العنكبوت : ٥٥.
(٥) سورة الكهف : ٢٩.
(٦) سورة الواقعة : ٤٣.
(٧) سورة المرسلات : ٣٠.