أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الحافظ حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق السنّي حدثنا أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو خيثمة حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا كثير بن زيد عن الحرث بن أبي يزيد قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله تعالى الإنابة» [١٣٨] (١).
(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) والقرآن كله حسن وانما معنى الآية ما قال الحسن : التزموا طاعته واجتنبوا معصيته ، فإن الذي أنزل على ثلاثة أوجه : ذكر القبيح لنجتنبه ، وذكر الأدون لئلا نرغب فيه ، وذكر الحسن لنؤثره.
وكذلك قال السدي : الأحسن ما أمر الله به في الكتاب.
وقال ابن زيد (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) يعني المحكمات وكلوا علم المتشابهات إلى عالمها.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) يعني لأن لا تقول كقوله : (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (٢) (وَأَنْ تَصُومُوا) (٣) ونحوهما.
(يا حَسْرَتى) يا ندامتا وحزني ، والتحسر الاغتمام على ما فات ، سمّي بذلك لانحساره عن صاحبه بما يمنع عليه استدراكه وتلا في الأمر فيه ، والألف في قوله : (يا حَسْرَتى) هي بالكناية للمتكلم وإنما أريد يا حسرتي على الاضافة ، ولكن العرب تحوّل الياء التي هي كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفا فتقول : يا ويلتا ويا ندامتا ، فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء ، وربّما لحقوا بها الهاء.
أنشد الفراء :
يا مرحباه بحمار ناجية |
|
إذا أتى قربته للسانية (٤) |
وربّما الحقوا بها الياء بعد الألف ليدل على الإضافة.
وكذلك قرأ أبو جعفر : يا حسرتاي.
(عَلى ما فَرَّطْتُ) قصّرت (فِي جَنْبِ اللهِ) قال الحسن : في طاعة الله. سعيد بن جبير : في حق الله في أمر الله. قاله مجاهد.
قال أهل المعاني : هذا كما يقال هذا صغير في جنب ذلك الماضي ، أي في أمره.
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٣٣٢.
(٢) سورة النحل : ١٥.
(٣) سورة البقرة : ١٨٤.
(٤) شرح الرضي على الكافية : ١ / ٤٢٠.