وقيل : في سبيل الله ودينه. والعرب تسمّي السبب والطريق الى الشيء جنبا تقول : تجرعت في جنبك غصصا وبلاء ، أي بسببك ولأجلك.
قال الشاعر :
أفي جنب بكر قطعتني ملامة |
|
لعمري لقد كانت ملامتها ثنى (١) |
وقال في الجانب الذي يؤدي إلى رضى الله تعالى وثوابه ، والعرب تسمّي الجانب جنبا.
قال الشاعر :
الناس جنب والأمير جنب (٢)
يعني الناس من جانب والأمير من جانب.
(وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) المستهزئين بدين الله تعالى وكتابه ورسوله والمؤمنين.
قال قتادة : في هذه الآية لم يكفه ان ضيع طاعة الله تعالى ، حتّى جعل يسخر بأهل طاعة الله.
أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه حدثنا هارون بن محمّد حدثنا محمّد بن عبد العزيز حدثنا سلمة حدثنا أبو الورد الوزان عن إسماعيل عن أبي صالح : (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) قال : كان رجل عالم في بني إسرائيل ترك علمه وأخذ في الفسق ، أتاه إبليس فقال له : لك عمر طويل فتمتع من الدّنيا ثم تب.
فأخذ في الفسق ، وكان عنده مال فأنفق ماله في الفجور ، فأتاه مالك الموت في ألذّ ما كان.
فقال : من أنت؟
فقال : أنا ملك الموت جئت لأقبض روحك.
فقال : (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) ، ذهب عمري في طاعة الشيطان وأسخطت ربّي.
فندم حين لم تنفعه الندامة ، قال : فأنزل الله سبحانه وتعالى خبره في القرآن.
(أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) رجعة إلى الدّنيا (فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) وفي نصب قوله : (فَأَكُونَ) وجهان :
__________________
(١) الصحاح للجوهري : ٦ / ٢٢٩٤.
(٢) تفسير القرطبي : ٥ / ١٩٢ ، لسان العرب : ١ / ٢٧٨ ، وهو للأخفش.