قال الفراء : كان حقه أن يقول برسولها وكذلك هي في قراءة عبد الله ، ولكنه أراد بالأمة الرجال فكذلك قال : (بِرَسُولِهِمْ)) ...
(وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا) ليبطلوا ويزيلوا (بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ * وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ * الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) من الملائكة.
قال ابن عبّاس : حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمس مائة عام.
وقال : مسيرة أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش ، وهم خشوع لا يرفعون طرفهم ، وهم أشد خوفا من أهل السماء السابعة ، وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها ، والتي تليها أشد خوفا من التي تليها.
قال مجاهد : بين الملائكة وبين العرش سبعون حجابا من نور.
أخبرنا ابن فنجويه الدينوري حدثنا مخلد بن جعفر حدثنا الحسن بن علوية حدثنا إسماعيل ابن عيسى حدثنا إسحاق أخبرني مقاتل عن الضحاك عن ابن عبّاس قال : لمّا خلق الله حملة العرش قال لهم : احملوا عرشي. فلم يطيقوا ، فخلق مع كل ملك منهم من أعوانهم مثل جنود من في السماوات من الملائكة ومن في الأرض من الخلق ، فقال : احملوا عرشي. فلم يطيقوا ، فخلق مع كل واحد منهم جنود سبع سماوات وسبع أرضين وما في الأرض من عدد الحصى والثرى فقال : احملوا عرشي. فلم يطيقوا ، فقال : قولوا لا حول ولا قوة إلّا بالله.
فقالوا : لا حول ولا قوة إلّا بالله استقلينا عرش ربّنا.
قال : فنفذت أقدامهم في الأرض السابعة على متن الثرى فلم تستقر ، فكتب على قدم كل ملك اسم من أسمائه تعالى ، فاستقرت أقدامهم.
وروى شهر بن حوشب عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تتفكروا في عظمته ولكن تفكروا فيما خلق الله تعالى من الملائكة ، فإن خلقا من الملائكة يقال له : إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه في الأرض السفلى ، وقد مرق رأسه من سبع سماوات وأنه ليتضاءل من عظمة الله تعالى حتّى يصير كأنه الوضيع» [١٥٦] (١).
وروى موسى بن عقبة عن محمّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أذن لي أن أحدّث عن ملك من ملائكة الله من حملة عرشه ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مائة عام» [١٥٧] (٢).
__________________
(١) كشف الخفاء للعجلوني : ١ / ٣١١ ، والدر المنثور : ٥ / ٣٤٧ بتفاوت يسير.
(٢) المعجم الأوسط : ٣ / ٤١ ، ومجمع الزوائد : ١ / ٨٠ وفيه : سبعين عاما ، والمعجم الأوسط : ٢ / ١٩٩ وفيه : أربع مائة عام.