وفي الخبر : أن الله تعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة عرشه ، تفضيلا لهم على سائر الملائكة ، فهذه صفة حملة العرش.
وأما صفة العرش : فروى لقمان بن عامر عن أبيه قال : ان الله تعالى خلق العرش من جوهرة خضراء ، للعرش ألف ألف رأس زاجون ومن وراء هؤلاء مائة ألف صف من الملائكة قد وضعوا اليمنى على اليسرى ليس منهم أحد إلّا وهو يسبح بتحميده لا يسبحه الآخر ، ما بين جناحي أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام ، وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه أربع مائة عام ، واحتجب الله تعالى بينه وبين الملائكة الذين هم حول العرش بسبعين حجابا من نار ، وسبعين حجابا من ظلمة ، وسبعين حجابا من نور ، وسبعين حجابا من در أبيض ، وسبعين حجابا من ياقوت أحمر ، وسبعين حجابا من زبر جد أخضر ، وسبعين حجابا من ثلج ، وسبعين حجابا من ماء ، وسبعين حجابا من برد وما لا يعلمه إلّا الله تعالى.
قال : ولكل واحد من حملة العرش ومن حوله أربعة وجوه : وجه ثور ، ووجه أسد ، ووجه نسر ، ووجه إنسان ، ولكل واحد منهم أربعة أجنحة : أما جناحان فعلى وجه من أن ينظر إلى العرش فيصعق ، وأما جناحان فيتبوأ فيقوى بهما ، ليس لهم كلام إلّا التسبيح والتحميد والتكبير والتمجيد.
وقال يزيد الرقاشي : ان لله تعالى ملائكة حول العرش يسمّون المخلصين ، تجري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة يميدون كأنما ينفضهم من خشية الله ، فيقول لهم الربّ جلّ جلاله : يا ملائكتي مخافة تخيفكم؟
فيقولون : يا ربّنا لو أن أهل الأرض أطلعوا من عزتك وعظمتك على ما اطلعنا عليه ، ما أساغوا طعاما ولا شرابا ولا انبسطوا في فرشهم ، ولخرجوا إلى الصحارى يخورون كما يخور البقر (١).
(يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) وهذا تفسير لقوله (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) (٢) (... رَبَّنا) أي ويقولون : ربّنا (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) نصبا على التفسير ، وقيل : نصبا على النقل ، أي وسعت رحمتك وعلمك كل شيء (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) دينك (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ).
روى الأعمش عن إبراهيم قال : كان أصحاب عبد الله يقولون الملائكة خير من ابن
__________________
(١) لم نجده إلّا في شرح اصول الكافي للمازندراني : ١١ / ٣٤٩ عن بعض المفسرين.
(٢) سورة الشورى : ٥.