وقرأ ابن عبّاس والضحاك : بتشديد الدال ، على معنى يوم التنافر ، وذلك إذا ندّوا في الأرض كما تند الإبل إذا شردت على أربابها.
قال الضحاك : وذلك إذا سمعوا زفير النار ندّوا هرابا ، فلا يأتون قطرا من الأقطار إلّا وجدوا ملائكة صفوفا ، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله : (يَوْمَ التَّنادِ) وقوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) (١) (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) (٢).
(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) أيّ منصرفين عن موقف الحساب إلى النار.
وقال مجاهد : يعني فارّين غير معجزين.
(ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) ناصر يمنعكم من عذابه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ * وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ) بن يعقوب عليهالسلام (مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) أي من قبل موسى بالبينات.
قال وهب : إن فرعون موسى هو فرعون يوسف ، عمّر إلى زمن موسى. وقال الباقون : هو غيره.
(فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) مشرك (مُرْتابٌ) شاك (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً) أي كبر ذلك الجدال مقتا كقوله : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا) (٣) و (كَبُرَتْ كَلِمَةً) (٤) (عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) يختم الله بالكفر (عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ).
وقرأ أبو عمرو وابن عامر : (قَلْبٍ) منوّنا.
وقرأ الآخرون : بالإضافة (٥).
[واختاره أبو حاتم وأبو عبيد] (٦) ، وفي قراءة ابن مسعود : (على قلب كل متكبر جبار).
(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) قصرا. والصرح البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وإن بعد ، وأصله من التصريح وهو الإظهار.
__________________
(١) سورة الرحمن : ٣٣.
(٢) سورة الحاقة : ١٧.
(٣) سورة الصف : ٣.
(٤) سورة الكهف : ٥.
(٥) أي إضافة قلب إلى المتكبر ويكون في الكلام حذف تقديره : «كذلك يطبع الله على كل قلب ، على كل متكبر جبار» فحذف «كل».
(٦) عن تفسير القرطبي : ١٥ / ٣١٣.