محمد بن موسى الحلواني ، حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور ، حدثنا مسكين أبو فاطمة عن شهر بن حوشب ، قال : قال الحسن : وتلا هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) فقال : استقاموا على أمر الله تعالى ، فعملوا بطاعته ، واجتنبوا معصيته. مجاهد وعكرمة : استقاموا على شهادة أن لا إله إلّا الله ، حتّى لحقوا به. قتادة وابن زيد : استقاموا على عبادة الله وطاعته ، ابن سيرين : لم يعوجوا ، سفيان الثوري : عملوا على وفاق ما قالوا. مقاتل بن حيان : استقاموا على المعرفة ولم يرتدوا. مقاتل بن سليمان : استقاموا على إنّ الله ربّهم. ربيع : أعرضوا عما سوى الله تعالى. فضيل بن عياض : زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية. بعضهم : استقاموا إسرارا كما استقاموا إقرار ، وقيل : استقاموا فعلا كما استقاموا قولا. روى ثابت عن أنس إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال لما نزلت هذه الآية : «أمتي وربّ الكعبة» [١٦٤] (١).
أخبرنا الحسن بن محمد الثقفي ، حدثنا الفضل بن الفضل الكندي وأحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم السني ، قالا : حدثنا أبو خليفة الفضل بن حيان الجمحي ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز ، عن سفيان بن عبد الله الثقفي. قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بأمر أعتصم به ، فقال : «قل ربّي الله ثمّ استقم» قال : قلت : ما أخوف ما تخاف عليّ؟
فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلسان نفسه ، وقال : «هذا» [١٦٥] (٢).
وروي إنّ وفدا أقدموا على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقرأ عليهم القرآن ، ثمّ بكى ، فقالوا : أمن خوف الّذي بعثك تبكي؟ قال : «نعم ، إنّي قد بعثت على طريق مثل حد السيف ، إن استقمت نجوت ، وإن زغت عنه هلكت» [١٦٦] (٣).
وقال قتادة : كان الحسن إذا تلا هذه الآية ، قال : اللهم أنت ربّنا فارزقنا الاستقامة.
(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) قال قتادة : إذا قاموا من قبورهم. قال وكيع بن الجراح البسري : تكون في ثلاثة مواطن : عند الموت ، وفي القبر ، وفي البعث ، ألّا يخافوا ولا يحزنوا. قال أبو العالية : لا (تَخافُوا) على صنيعكم (وَلا تَحْزَنُوا) على مخلفكم. مجاهد : لا (تَخافُوا) على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة (وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلفتم في دنياكم من أهل وولد ونشيء ، فإنّا نخلفكم في ذلك كله. السدي : لا (تَخافُوا) ما أمامكم ، (وَلا تَحْزَنُوا) على ما بعدكم. عطاء بن رباح : لا (تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) على ذنوبكم ، فإنّي أغفرها لكم.
وقال أهل اللسان في هذه الآية : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) بالوفاء على ترك
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٥ / ٣٥٨.
(٢) مسند أحمد : ٣ / ٤١٣.
(٣) الدر المنثور : ٤ / ٢٠١ بتفاوت.