الجفاء (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) بالرضا أَلَّا تَخافُوا من العناء وَلا تَحْزَنُوا على الفناء ، وَأَبْشِرُوا بالبقاء مع الّذين كنتم توعدون من اللقاء ، لا تَخافُوا فلا خوف على أهل الاستقامة ، وَلا تَحْزَنُوا فإن لكم أنواع الكرامة ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار السلامة. لا تَخافُوا فعلى دين الله استقمتم ، وَلا تَحْزَنُوا فبحبل الله اعتصمتم ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ وإن ارتبتم وأحزنتم ، لا تَحْزَنُوا فطالما رهبتم ، وَلا تَحْزَنُوا فقد نلتم ما طلبتم ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي فيها رغبتم ، لا تَخافُوا فأنتم أهل الإيمان ، وَلا تَحْزَنُوا فأنتم أهل الغفران ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار الرضوان ، لا تَخافُوا فأنتم أهل الشهادة ، وَلا تَحْزَنُوا فأنتم أهل السعادة ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار الزيادة ، لا تَخافُوا فأنتم أهل النوال ، وَلا تَحْزَنُوا فأنتم أهل الوصال ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار الجلال ، لا تَخافُوا فقد أمنتم الثبور وَلا تَحْزَنُوا فقد آن لكم الحبور وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار السرور ، لا تَخافُوا فسعيكم مشكور وَلا تَحْزَنُوا فذنبكم مغفور ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار النون ، لا تَخافُوا فطالما كنتم من الخائفين ، وَلا تَحْزَنُوا فقد كنتم من العارفين ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي عجز عنها وصف الواصفين ، لا تَخافُوا فلا خوف على أهل الإيمان ، وَلا تَحْزَنُوا فلستم من أهل الحرمان ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار الإيمان ، لا تَخافُوا فلستم من أهل الجحيم ، وَلا تَحْزَنُوا فقد وصلتم إلى الربّ الرحيم ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار النعيم ، لا تَخافُوا فقد زالت عنكم المخافة ، وَلا تَحْزَنُوا فقد سلمتم من كلّ آفة ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار الضيافة ، لا تَحْزَنُوا العزل عن الولاية ، وَلا تَحْزَنُوا على ما قدمتم من الخيانة ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي هي دار الهداية ، لا تَخافُوا حلول العذاب ، وَلا تَحْزَنُوا من هول الحساب وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي دار الثواب. لا تَخافُوا فأنتم سالمون من العقاب ، وَلا تَحْزَنُوا فأنتم واصلون إلى الثواب ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ فإنها نعم المآب. لا تَخافُوا فأنتم أهل الوفاء وَلا تَحْزَنُوا على ما كسبتم من الجفاء وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ فإنها دار الصفاء لا تَخافُوا فقد سلمتم من العطب ، وَلا تَحْزَنُوا فقد نجوتم من النصب ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ فإنّها دار الطرب.
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) تقول لهم الملائكة الّذين تتنزل عليهم بالبشارة : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) وأنصاركم وأحبّاءكم ، (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) قال السدي : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) يعني نحن الحفظة الّذين كنا معكم في الدّنيا ، و (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ ... فِي الْآخِرَةِ).
أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا ابن خالد ، أخبرنا داود بن عمرو الضبّي أخبرنا إبراهيم ابن الأشعث عن الفضيل بن عياض عن منصور عن مجاهد (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ). قال : قرناؤهم الّذين كانوا معهم في الدّنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، قالوا : لن نفارقكم حتّى ندخلكم الجنّة.
(وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) تريدون وتسألون وتتمنون ، وأصل الكلمة إنّ ما تدّعون إنّه لكم ، فهو لكم بحكم ربّكم.