(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي يطيع الّذين آمنوا ربّهم في قول بعضهم.
جعل الفعل للّذين آمنوا ، وقال الآخرون : (وَيَسْتَجِيبُ) الله (الَّذِينَ آمَنُوا) جعلوا الإجابة فعل الله تعالى ، وهو الأصوب والأعجب إليّ لأنّه وقع بين فعلين لله تعالى : الأول قوله : (يَقْبَلُ) والثاني (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) ، ومعنى الآية : ويجيب الله المؤمنين إذا دعوه ، وقيل : معناه نجيب دعاء المؤمنين بعضهم لبعض.
أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان ، أخبرنا مكي بن عبدان ، حدثنا عبد الله بن هاشم ، حدثنا أبو معاوية بن الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن سلمة بن سبره ، قال : خطبنا معاذ بالشام ، فقال : أنتم المؤمنون وأنتم أهل الجنّة والله إنّي لأرجو أن يدخل الجنّة من تسبون من فارس والرّوم وذلك بأن أحدهم إذا عمل لأحدكم العمل ، قال : أحسنت يرحمك الله أحسنت بارك الله فيك ويقول الله سبحانه وتعالى : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ. وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ).
أخبرنا الحسين بن محمّد الثقفي ، حدثنا الفضل بن الفضل الكندي ، حدثني أبو أحمد عبد الله بن أحمد الزعفراني الهمذاني ، حدثنا محمد بن الحسين بن قتيبة بعسقلان ، حدثنا محمد بن أيوب بن سويد ، حدثني أبي ، عن أبي بكر الهذلي ، عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله تعالى : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، قال : تشفّعهم في إخوانهم. (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ). قال : في إخوان إخوانهم.
(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ). الآية نزلت في قوم من أهل الصفّة تمنوا سعة الدّنيا والغنى. قال خباب بن لادن : فينا نزلت هذه الآية وذلك إنّا نظرنا إلى بني قريظة والنضير وبني القينقاع ، فتمنيناها فأنزل الله تعالى (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ) أي وسع الرزق لعباده.
(لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) أي لطغوا وعصوا. قال ابن عباس : بغيهم ظلما ، منزلة بعد منزلة ودابة بعد دابة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس.
أخبرنا الحسين بن محمد بن إبراهيم التبستاني الإصبهاني ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن العباس العصمي الهروي ، أخبرني محمد بن علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن صالح الكرابيسي ، يقول : سمعت قصير بن يحيى يقول : قال : شقيق بن إبراهيم في قول الله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا) ، قال : لو رزق الله العباد من غير كسب وتفرغوا عن المعاش والكسب لطغوا في الأرض وبغوا وسعوا في الأرض فسادا ، ولكن شغلهم بالكسب والمعاش رحمة منه وامتنانا.
(وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) أرزاقهم (بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) لكفايتهم. قال مقاتل : (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) فجعل واحدا فقيرا وآخرا غنيا.