(وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) ناعمين فاكهين أشرين بطرين معجبين. (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) بني إسرائيل. نظيره قوله : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ) (١) الآية.
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) وذلك إن المؤمن إذا مات بكت عليه السّماء والأرض أربعين صباحا ، وقال عطاء : في هذه الآية بكاءها حمرة أطرافها ، وقال السدي : لما قتل الحسين بن علي «رضياللهعنهما» بكت عليه السّماء ، وبكاؤها حمرتها (٢).
حدثنا خالد بن خداش ، عن حماد بن زيد ، عن هشام ، عن محمد بن سيرين. قال : أخبرونا إنّ الحمرة الّتي مع الشفق لم تكن ، حتّى قتل الحسين رضياللهعنه (٣).
أخبرنا ابن بكر الخوارزمي ، حدثنا أبو العياض الدعولي ، حدثنا أبي بكر بن أبي خثيمة ، وبه عن أبي خثيمة ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا سليم القاضي ، قال : مطرنا دما أيام قتل الحسين (٤).
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه ، حدثنا أبو علي المقري ، حدثنا أبو بكر الموصلي ، حدثنا أحمد بن إسحاق البصري ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة الرمدني ، أخبرني يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم إنّه قال : «ما من عبد إلّا له في السّماء بابان : باب يخرج منه رزقه ، وباب يدخل منه عمله وكلامه ، فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)» (٥) ، وذلك إنّهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملا صالحا تبكي عليهم ، ولم يصعد إلى السّماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي.
أخبرنا عقيل بن محمد : إنّ المعافا بن زكريا أخبره ، عن محمد بن جرير ، حدثنا يحيى بن طلحة ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن صفوان بن عمر ، عن شريح بن عبيد الحضرمي : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا ، ألّا لا غربة على مؤمن ، ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه ، إلّا بكت عليه السّماء والأرض». ثمّ قرأ رسول الله عليهالسلام: (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) ، ثمّ قال : «إنّهما لا تبكيان على الكافر» [٢١٤] (٦).
(وَما كانُوا مُنْظَرِينَ * وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) قتل الأبناء واستحياء
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٣٧.
(٢) تفسير الطبري : ٢٥ / ١٦٠ ح ٢٤٠٧٢ ، وتفسير القرطبي : ١٦ / ١٤١.
(٣) تفسير القرطبي : ١٦ / ١٤١ ، والصواعق المحرقة : ١٩٤.
(٤) المصدر السابق ، وذخائر العقبي : ١٤٥ ، والجرح والتعديل للرازي : ٤ / ٢١٦ رقم ٩٤١.
(٥) تفسير ابن كثير : ٤ / ١٥٣.
(٦) الدر المنثور : ٦ / ٣٠.