ونحوه. (إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ ، نَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا) : أظهروا (النَّدامَةَ) ، وهو من الأضداد ؛ يكون بمعنى الإخفاء ، والإبداء (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ) : الجوامع من النار (فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) : الأتباع والمتبوعين ، (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في الدنيا؟
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) : رسول (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) : رؤساؤها وأغنياؤها (إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ. وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) منكم ، ولو لم يكن راضيا بما نحن عليه من الدين والعمل لم يخوّلنا الأموال والأولاد.
(وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ. قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) ، وليس يدل ذلك على العواقب والمنقلب ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أنها كذلك.
(وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ) : لكن من آمن (وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا) من الثواب بالواحد عشرة ، و (من) يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون محله نصبا بوقوع تقرب عليه ، والآخر : رفع تقديره : وما هو إلّا من آمن. (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ) الدرجات (آمِنُونَ).
وقراءة العامة : (جَزاءُ الضِّعْفِ) بالإضافة ، وقرأ يعقوب : (جَزاءً) منصوبا منوّنا. الضعف رفع مجازه : فأولئك لهم الضعف جزاء على التقديم والتأخير ، وقراءة العامة : (الْغُرُفاتِ) بالجمع ، واختاره أبو عبيد قال : لقوله : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً) (١) ، وقرأ الأعمش وحمزة : (في الغرفة) على الواحدة.
(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ) : يعملون (فِي آياتِنا) بإبطال حججنا وكتابنا ، و (مُعاجِزِينَ) معاونين معاندين يحسبون أنهم يفوتوننا بأنفسهم ويعجزوننا ، (أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ). قال سعيد بن جبير : ما كان من غير إسراف ولا تقتير (فَهُوَ يُخْلِفُهُ) ، وقال الكلبي : ما تصدقتم من صدقة وأنفقتم في الخير والبر من نفقة (فَهُوَ يُخْلِفُهُ) إما أن يعجله في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة.
أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن عبد الله قال : حدثنا أبي قال : حدثنا علي بن داود القنطري قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عمرو بن الحرث عن أبي يونس مولى أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ الله عزوجل قال لي : أنفق أنفق عليك» [٣٨] (٢).
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا ابن شاذان عن جعونة بن محمد قال : حدثنا صالح
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٥٨.
(٢) فتح الباري : ٩ / ٤١١ ، تفسير القرطبي : ٦ / ٢٤٠.