جرير قال : حدّثني عصام بن رواد بن الجراح قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا سفيان بن سعيد قال : حدّثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكر فتنة تكون بين أهل الشرق والمغرب : «فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فورة ذلك حتى ينزل دمشق ، فيبعث جيشين : جيشا إلى المشرق ، وجيشا إلى المدينة حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ، ويبقرون بها أكثر من مائة امرأة ، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس ، ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام ، فتخرج راية هدى من الكوفة ، فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم ولا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويحل جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها. ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله سبحانه جبرائيل عليهالسلام فيقول : يا جبرائيل اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم ، فذلك قوله عزوجل في سورة سبأ : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) فلا ينفلت منهم إلّا رجلان : أحدهما بشير والآخر نذير وهما من جهينة» [٤٤] (١).
فلذلك جاء القول : «وعند جهينة الخبر اليقين».
وقال قتادة : ذلك حين يخرجون من قبورهم ، وقال ابن معقل : إذا عاينوا عذاب الله يوم القيامة (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) ؛ لأنهم حيث كانوا فهم من الله قريب لا يبعدون عنه ولا يفوتونه.
(وَقالُوا) حين عاينوا العذاب في الدنيا والآخرة وقت البأس (آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى) : من أين (لَهُمُ التَّناوُشُ) تناول التوبة ونيل ما يتمنون؟
قال ابن عباس : يسألون الراد وليس يحين الرد ، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة والكسائي وخلف : (التناؤش) : بالهمز والمد ، وهو الإبطاء والبعد. يقال : تناشيت الشيء أي أخذته من بعيد ، والنيش الشيء البطيء.
قال الشاعر :
تمنى نئيشا أن يكون أطاعني |
|
وقد حدثت بعد الأمور أمور (٢) |
وقال آخر :
وجئت نئيشا بعدها فاتك الخبر (٣)
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢٢ / ١٢٩.
(٢) الصحاح : ٣ / ١٠٢٠.
(٣) لسان العرب : ٦ / ٣٦١.