عن هذا القول ، أي من أجله وسببه عن الإيمان من صرف ، وذلك أنّهم كانوا يتلقون الرجل إذا أراد الإيمان فيقولون له : إنّه ساحر وكاهن ومجنون ، فيصرفونه عن الإيمان ، وهذا معنى قول مجاهد.
وقد يكون (عن) بمعنى (أجل). أنشد العبسي :
عن ذات أولية أساود ربّها |
|
وكأن لون الملح فوق شفارها (١) |
أي من أجل ناقة ذات أوليه.
(قُتِلَ) لعن (الْخَرَّاصُونَ) الكذابون.
وقال ابن عباس : المرتابون ، وهم المقتسمون الذين اقتسموا عقاب الله ، واقتسموا القول في النبي صلىاللهعليهوسلم ليصرفوا الناس عن دين الإسلام.
وقال مجاهد : الكهنة.
(الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ) : شبهة وغفلة (ساهُونَ) : لا هون.
(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) متى يوم القيامة استهزاء منهم بذلك وتكذيبا.
قال الله سبحانه وتعالى : (يَوْمَ هُمْ) أي يكون هذا الجزاء في يوم هم (عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) يعذّبون ويحرقون وينضجون بالنار كما يفتن الذهب بالنار. ومجازه بكلمة (عَلَى) هاهنا : أنهم موقوفون على النار ، وقيل : هو بمعنى الباء.
ويقول لهم الخزنة : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا) ولم يقل هذه ؛ لأنّ الفتنة هاهنا بمعنى العذاب ، فردّ الإشارة إلى المعنى (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ).
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) من الثواب وأنواع الكرامات.
وقال سعيد بن جبير : تعني آخذين بما أمرهم ربّهم ، عاملين بالفرائض التي أوجبها عليهم.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) قبل دخولهم الجنة (مُحْسِنِينَ) في الدنيا ، وقيل : قبل نزول الفرائض محسنين في أعمالهم.
(كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) اختلف العلماء في حكم (ما) ، فجعله بعضهم جحدا ، وقال : تمام الكلام عند قوله : (كانُوا قَلِيلاً) أي كانوا قليلا من الناس ، ثم ابتدأ (ما يَهْجَعُونَ) أي لا ينامون بالليل ، بل يقومون للصلاة والعبادة ، وجعله بعضهم بمعنى (الذي) ، والكلام متّصل
__________________
(١) الأولية : الناقة ، وساود ربّها : سارّه ليشتريها منه ، من السواد ، وهو السرار. انظر المخصص في اللغة ، المجلد : ١٤ ص ٦٧ ، الهامش.