(لِتَعارَفُوا) يعرف بعضكم بعضا في قرب النسب ، وبعده لا لتفاخروا. وقرأ الأعمش (ليتعارفوا) ، وقرأ ابن عبّاس (ليعرفوا) بغير (ألف).
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ) بفتح (الألف) ، وقرأه العامة (إِنَّ) بكسر (الألف) على الاستئناف ، والوقوف على قوله (لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) قال قتادة : في هذه الآية أكرم الكرم التقوى. وألأم اللوم الفجور ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «من سرّه أن يكون أكرم الناس ، فليتّق الله» (١).
وقال : «كرم الرجل دينه ، وتقواه ، وأصله عقله ، وحسبه خلقه» (٢) ، وقال ابن عبّاس : كرم الدنيا الغنى ، وكرم الآخرة التقوى : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
أخبرنا الحسن ، قال : حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمّد بن علي ، قال : حدّثنا زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله المقري ، قال : حدّثنا ابن رجاء ، عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : طاف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على راحلته القصواء يوم الفتح يستلم الركن بمحجنه ، فما وجد لها مناخ في المسجد ، حتّى أخرجنا إلى بطن الوادي ، فأناخت فيه ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «أمّا بعد أيّها الناس ، قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية ، وفخرها بالآباء ـ وفي بعض الألفاظ : وتعظمها بآبائها ـ إنّما الناس رجلان ، برّ تقي كريم على الله ، وفاجر شقيّ هيّن على الله». ثمّ تلا هذه الآية : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) ... الآية ، وقال : «أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم» [٨١] (٣).
وأخبرني الحسين ، قال : حدّثنا محمّد بن علي بن الحسين الصوفي. قال : حدّثنا أبو شعيب الحراني. قال : حدّثنا يحيى بن عبد الله الكابلي. قال : حدّثنا الأوزاعي ، قال : حدّثني يحيى بن أبي كثير ، إنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ، وأعمالكم ، وإنّما أنتم بنو آدم (أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)» [٨٢] (٤).
وأخبرنا ابن منجويه ، قال : حدّثنا ابن حفصويه ، قال : حدّثنا عبد الله بن جامع المقري ، قال : حدّثنا أحمد بن خادم. قال : حدّثنا أبو نعيم ، قال : حدّثنا طلحة ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، قال : الله سبحانه يقول يوم القيامة : إنّي جعلت نسبا ، وجعلتم نسبا ، فجعلت (أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) فأنتم تقولون : فلان بن فلان ، وأنا اليوم أرفع نسبي ، وأضع أنسابكم ، أين المتّقون؟ أين المتّقون؟ (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٥).
__________________
(١) تفسير الثعالبي : ٥ / ٢٧٧.
(٢) تفسير ابن كثير : ١ / ٣١٩ ؛ مسند أحمد : ٢ / ٣٦٥ ؛ مجمع الزوائد : ١٠ / ٢٥١ بتفاوت.
(٣) تفسير ابن كثير : ٤ / ٢٣٣ ؛ ومسند أحمد : ٢ / ٥٢٤.
(٤) مسند أحمد : ٢ / ٢٨٥ ؛ صحيح مسلم : ٨ / ١١.
(٥) كنز العمال : ٣ / ٩١ ح ٥٦٤٣ ؛ وتفسير الدر المنثور : ٦ / ٩٨.