وأخبرنا ابن منجويه ، قال : حدّثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيّوب. قال : حدّثنا يوسف بن يعقوب. قال : حدّثنا محمّد بن أبي بكر. قال : حدّثني يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن عمر ، قال : حدّثني سعيد بن أبي سعيد المقري ، عن أبي هريرة ، قال : قيل : يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال : «أتقاهم».
وأنشدني ابن حبيب ، قال : أنشدنا ابن رميح ، قال : أنشدنا عمر بن الفرحان :
ما يصنع العبد بعزّ الغنى |
|
والعزّ كلّ العزّ للمتّقي |
من عرف الله فلم تغنه |
|
معرفة الله فذاك الشقي (١) |
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا) الآية نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة ، ثمّ من بني الحلاف بن الحارث بن سعيد ، قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة في سنة جدبة ، وأظهروا شهادة أن لا إله إلّا الله ، ولم يكونوا مؤمنين في السرّ ، وأفسدوا طرق المدينة بالعدوان ، وأغلوا أسعارها ، وكانوا يغدون ، ويروحون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقولون : أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها ، وجئناك بالأفعال ، والعيال والذراري ، يمنون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، وبنو فلان ، ويريدون الصدقة ، ويقولون : أعطنا ، فأنزل الله سبحانه فيهم هذه الآية.
وقال السدي : نزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح ، وهم أعراب مزينة ، وجهينة ، وأسلم ، وأشجع ، وغفار ، كانوا يقولون : آمنّا بالله ، ليأمنوا على أنفسهم ، وأموالهم ، فلمّا استنفروا إلى الحديبية تخلّفوا ، فأنزل الله سبحانه : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) أي انقدنا واستسلمنا مخافة القتل والسبي. (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فأخبر أنّ حقيقة الإيمان التصديق بالقلب ، وأنّ الإقرار به باللسان ، وإظهار شرائعه بالأبدان ، لا يكون إيمانا دون الإخلاص الذي محلّه القلب ، وأنّ الإسلام غير الإيمان.
يدلّ عليه ما أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي ، قرأه عليه محمّد بن زكريا في شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ، قال : أخبرنا أبو العبّاس محمد بن الدغولي ، قال : حدّثنا محمّد بن الليث المروزي ، قال : حدّثنا عبد الله بن عثمان بن عبدان ، قال : حدّثنا عبد الله ابن المبارك ، قال : أخبرنا يونس ، عن الزهري. قال : أخبرني عامر ، عن سعد بن أبي وقّاص أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعطي رهطا ، وسعد جالس فيهم ، فقال سعد : فترك رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا منهم ، فلم يعطه ، وهو أعجبهم إليّ. فقلت : يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فو الله إنّي لأراه مؤمنا ، فقال رسول الله : «أو مسلما».
فسكت قليلا ، ثمّ غلبني ما أعلم منه ، فقلت : يا رسول الله ما لك عن فلان ، فو الله إنّي لأراه مؤمنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أو مسلما».
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٦ / ٣٤٦.