وأبا) وهو القائل ـ أقيلوني فلست بخيركم ، وأين منه عمر (١) أيضا ، إذ كان عندما يعييه الجواب يهوى على السائل بالدرة ، وحبس سائلا سأله عن آية قرآنية بعد ان أوجعه ضربا وهو من أشراف قومه وكل يوم يأتي به ويوجعه ضربا ، وبعدها نفاه إلى ولاية تحت نفوذ عامله وأمره بتكرار الضرب وعدم قبول شهادته حتى مات وكلاهما عجز عن تفسير كثير مما سئلا عنه ، ولقد كان عمر يعجز عن الإجابة عن أكثر الأشياء وكانت أكثر عماله وأحكامه تخالف الشريعة ، وكان يضطر أكثر الأحيان للاعتراف بعجزه حتى أمام النساء ، حتى قال في إحداها : (حتى ربات الخدور أفقه منك يا عمر) (٢).
فمن كان أكثر عمره مشركا وليس له في الحروب سطوة وفي العلم حظوة وفي المنطق حكمة وفي العمل قدرة أيساوي من أجمعت على أفضليته الأمة ونص عليه الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ أو أن يطعن فيه ، حتى عمر نفسه؟ الذي قال فيه كرارا : (لولا علي لهلك عمر) ، وقال فيه : (لو وليها الأصلع لسلك بكم السبيل) ، أويساوي من تراه في نهج البلاغة كيف ينتخب ولاته وكيف يدربهم وكيف يوصيهم ، وكيف يكون قدوة لغيره ، حتى اعترف به ألد اعداءه؟ (وسيأتي ما صرح به معاوية وعمرو بن العاص فيه).
وقد رأينا كيف امتدحه القرآن ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكيف كانت سيرته عليهالسلام في جميع حياته ، وكيف امتنع من تعيين معاوية ، ولم يرض على ابقائه واليا على الشام ولو لأمد قصير ، كما أشار عليه ابن عمه عبد الله بن عباس ، وكيف يرضى علي عليهالسلام أن يولى فاجرا فاسقا منافقا ، مثل معاوية أو عمرو بن العاص أو المغيرة بن شعبة وأضرابهم ، وكيف اجتمع اقطاب الفسق والفجور ضده ، وقد رأيناه كيف انتصر في حرب الجمل وكاد أن يتغلب على معاوية لولا ضربة أشقى الاشقياء ابن ملجم.
__________________
(١) و (٢) راجع كتابنا الرابع من الموسوعة.