لما بغى بعضهم على بعض وتحاسدوا ، وتغلب عليهم بنو قابيل ابن آدم تحول (١) بقراويس الجبار بن مصرايم بن مواكيل بن داويل بن عرباق بن آدم عليه السلام في نيف وسبعين راكبا من بني عرباق جبابرة ، كلهم يطلبون موضعا ينقطعون فيه عن بني آدم ، فلم يزالوا يمشون حتى وصلوا إلى النيل فأطالوا المشي عليه ، فما رأوا سعة البلد وحسنه أعجبهم ، وقالوا : هذا بلد زرع وعمارة ، فأقاموا فيه استوطنوه ، وبنوا الابنية والمصانع المحكمة.
وبنى بقراويس مصر ، وسماها باسم أبيه مصرايم (٢) تبركا به وكان بقراويس جبارا له قوة زائدة وبطش وكان مع ذلك عالما له رئي من الجن ، فملك بني أبيه ، ولم يزل مطاعا في أمره ، وقد كان وقع إليه من العلوم التي علمها درابيل لآدم عليه السلام ، فقهر بها الجبابرة الذين كانوا معه.
وهم الملوك الذين بنوا الاعلام ، واقاموا الاساطين العظام ، وبنو المصانع الغريبة ، ووضعوا الطلسمات العجيبة ، واستخرجوا المعادن ، وقهروا من ناوأهم من ملوك الارض ، ولم يطمع فيهم طامع ، وكل علم جليل هو في أيدي المصريين ، إنما كان من علوم أولئك ، كانت مزبورة على الحجارة.
فيقال إن فيلمون الكاهن الذي ركب مع نوح عليه السلام في السفينة هو الذي فسرها لهم ، وعلمهم كتبها ، وسنذكر خبرها في موضعه إن شاء الله عزوجل.
ثم أمرهم بقراويس حين ملك ببناء سموها أمسوسا (٣) وأقاموا لها أعلاما طوالا طول كل علم منها مائة ذراع ، وزرعوا وعمروا الارض ، وأمرهم ببناء المدائن ، والقرى ، وأسكن أهل كل بيت ناحية من أرض مصر.
__________________
(١) في ب : تحمل ، والتصحيح عن القرماني.
(٢) في ب : مصريم.
(٣) في القرماني : أسوس.