وتقول القبط أنه من بعد مائة وسبع وعشرين سنة من ملكهم لزم الهيكل الذي كان أقطعه أبوه لا يشركه فيه غيره ، وأمور الناس جارية على سداد ، فأقاموا كذلك سبع سنين ، ثم وقع بين الاخوة تشاجر واختلاف ، فأجمع رؤس الكهنة على أن يجعلوا أحدهم ملكا ، ويقيم كل واحد منهم في قسمته ، واجتمعوا لذلك في دار المملكة.
وقام رأس الكهان فتكلم ، وذكر هو صال وفضائله وسعادتهم في أيامه وما شملهم معه من الخير ، وأخبر بما رأته الجماعة من تقليد أحدهم ، فان كان هو صال حيا ورجع إليهم لم ينكر ما فعلوه ، لانهم لم يريدوا إلا حفظ ملكه ، ورفع المكاره عنه ، وإن لم يرجع كان الامر على ما سلف ملك بعد ملك فاستحسن الناس ذلك القول ورضوا به رأيا ، وعملوا به.
فعقدوا الملك على أكبر ولده سنا وهو فدرشان (١) الملك فسار سيرة أبيه فحمد الناس أمره فعمل في أيامه قصرا من خشب ونقشه بأحسن النقوش وصور فيه الكواكب ، وبجله بالفروش وحمله على الماء ، وكان يتنزه فيه.
فبينما هو فيه ذات يوم إذ هبت ريح عظيمة ، وزاد النيل زيادة كبيرة فانكسر القصر وغرق الملك ، وهلك وقد كان نفى إخوته إلى المدائن الداخلة.
واقتصر على امرأة واحدة من بنات عمه ، فولدت ولدا ولم يكن له ولد غيره ، وكانت ساحرة فسحرته حتى هام بها وانفرد بحبها واستخلف بعض وزرائه على الملك ، واقبل على لذاته ولهوه معها.
فلما كان من أمره ما كان من هلاكه كتمته امرأته ، وكان أمره ونهيه يخرج إلى الوزير عنه ، فأقام الناس على طاعته تسع سنين لا يعلمون بأمره.
__________________
(١) في ق : تدرسان.