عليه ، وزحف رجل من بني طربيس بن آدم من ناحية العراق فتغلب على الشام.
وأراد أن يزحف إلى مصر فعرف أنه لا يصل إليها لسحر أهلها ، فأراد أن يدخلها متنكرا ليعرف أهلها ، ويقف على سحر بعض أهلها ، فخرج ومعه نفر حتى وصلوا إلى حصن من أول حدود مصر ، فسألهم الموكلون به عن أمورهم فعرفوهم أنهم تجار يقصدون بلدا يسكنونها ، ومعهم اموالهم ليحترفوا كيف ظهر لهم بها ، فحبسوهم وأرسلوا إلى الملك بخبرهم.
وقد كان رأى الملك في منامه كأنه كان قائما على منار لهم عال ، وكأن طائرا عظيما قد انقض عليه ليختطفه فحاد عنه حتى كاد (١) أن يسقط عن المنار ، فجاوزه الطائر ولم يضره فانتبه مذعورا ، وبعث إلى رأس الكهنة ، فقص عليه رؤياه فعرفه أن ملكا يطلب ملكه ، فلا يصل إليه.
فنظر في علمه فرأى ذلك الملك الذي يطلب ملكه قد دخل بلده ووافق ذلك دخول الرسل من ذلك الحصن يذكر القوم ، فعلم الملك أنه فيهم فوجه بجماعة من أصحابه معه ، فاستوثقوا منهم وحملوهم إليه.
وقد كان الملك أمرهم أن يطوفوا بهم على أعمال مصر (٢) كلها ، ليروا ما فيها من الطلسمات والاصنام والعجائب والمعجزات فبلغوا بهم إلى الاسكندرية ، ثم ساروا بهم إلى أمسوس ، فأوقفوهم على عجائبها ثم ساروا بهم إلى الجنة التي عملها مصرام وأمر السحرة باظهار التماثيل فجعلوا يتعجبون مما يرون حتى وصلوا إلى سرباق الملك ، والكهنة حوله قد أظهروا صنوف العجائب ، وجعلوا بين يديه نارا لا يصل إليها إلا من كان من خاصته.
ولا تضر الا من أضمر للملك غائلة وامر فشقوها واحدا بعد واحد فلم تضر منهم أحدا.
__________________
(١) في ب : كان.
(٢) في ب : الجمال بمصر.