وعلم أنه لا يجوز لبعضهم ظلم بعض ، مع تلك الصورة ، فلم تزل تلك الصورة باقية إلى أن أزالها الطوفان مع ما أزال من اعمالهم وعجائبهم.
وعملت في وقت سهلون اعمال كثيرة ، وكتب سيرته وما ابتدعه من العجائب في مصحف ، وعمل ادوية وعقاقير كثيرة وتماثيل متحركات.
وأمر أن يحمل ذلك كله مع المصحف الذي كتب فيه سيرته ومع كنوزه وذخائره إلى ناووسه الذي يجعل فيه إذا مات ، وهو قد عمله في الجانب الغربي ووضع فيه غرائب وحكمة ، فلما مات عمل فيه ذلك.
وملك بعد ابنه سوريد بن سهلون الملك ، وحزن عليه هو واهل مملكته ورعيته ، حزنا عظيما لم يحزن على ملك قبله ، وكان ملكه مائة وتسعا وتسعين سنة.
وأقام دولته ورعيته عند ناووسه شهرا ينوحون ويبكون ، وأقاموا في ناووسه خدمة يخدمون أموره وسدنة يحفظون ما يجب حفظه منه ، وجلس ابنه على سرير الملك ، واقتفى سيرة أبيه في العدل والصلاح وعمارة الارض ، وسياسة الناس والانصاف بينهم ، والاخذ لهم من نفسه وأهل بيته.
وهو أول من جبى الخراج بمصر ، وألزم أهل الصناعات على أقدارهم ، وأول من أمر بالانفاق على المرضى والزمنى من خزائنه وبنى المنارات ، ونصب الاعلام والطلسمات والهياكل ، وحسن عمارتها على أحسن ما تقدم لسواه ، فأحبه الناس وحمدوا أمره ، وعمل مرآة من أخلاط كثيرة ، كان ينظر إليها فيرى الاقاليم ، وما أخصب منها وما أجدب ، وكلما يحدث فيها.
وكانت على منارة من نحاس في وسط مدينة أمسوس.
وتقول القبط إنه عملها لمصر خاصة ، وكان يرى فيها جميع من يقصدها من