فوجدوا أنه لا يقوم بهدمها شئ في الازمان الطوال ، وأن كسوتها أيضا بالديباج مما يشق على الملك ، ويتعذر إلا بفساد عظيم ، وبما لم يكن [فيه] صلاح.
فمنها أن الرشيد لما دخل مصر ، فرأى الاهرام أحب أن يهدم بعضها ليعلم ما فيه ، فقيل له إنك لا تقدر على ذلك ، فقال لابد من فتح شئ منه ففتحت الثلمة المفتوحة بنار توقد وخل يرش ومجانيق يرمى بها وحدادين يعملون ما فسد منها وأنفق عليها مالا عظيما فوجدوا عرض الحائط قريبا من عشرين ذراعا ، فلما انتهوا إلى آخر الحائط وجدوا خلف النقب مطهرة خضراء فيها ذهب مضروب وزن كل دينار أوقية من أواقينا ، وكان عددها ألف دينار فعجبوا من ذلك ولم يعرفوا معناه ، فأخبروا بذلك الرشيد ، وأتوه بالذهب والمطهرة فجعل يعجب من ذلك الذهب ، ومن جودته وحسنه وحمرته ، ثم قال ارفعوا إلي حساب ما أنفقتموه على هذه الثلمة ففعل ذلك فوجدوه بأزاء ذلك الذهب الذي أصابوه لا يزيد ولا ينقص ، فعجب من معرفتهم بذلك على طول المدة ، وأنهم يستفتحونه من ذلك الموضع بعينه وعجب من معرفتهم بقدر ما ينفق عليه ، ومن تركهم ما يوازي في الموضع ، عجبا شديدا كأن لهؤلاء القوم من العلوم منزلة لا نوازيها ولا ندركها نحن ولا أمثالنا.
وقيل ان المطهرة التي وجد فيها المال كانت من زبرجد ، فأمر بحملها إلى خزائنه وكانت أحد ما حمله من عجائب مصر.
ومن عجائبها وما يستغرب منها أن الرشيد لما فتح تلك الثلمة من الهرم أقام الناس سنين يقصدونه ويدخلونه ، وينزلون فيه من الزلاقة التي فيه ، فمنهم من يسلم ، ومنهم من يهلك ، وأن جماعة من الاحداث اتفقوا وكانوا عشرين