تدعوه إلى نفسها فامتنع من ذلك خوفا من الملك ، ولان التخطي كان عندهم إلى نساء الملك عظيما.
فلما طال عليها شوقها إليه أحضرت امرأة ساحرة من نساء الكهنة ولا طفتها حتى أنست بها ، فذكرت أمر فرعان وما تجده من سببه وامتناعه عليها ، فضمنت لها بلوغ محبتها منه ، فسحرته بدخن كان عندها عملته له حتى اهتاج إليها وقدم على ودها وسهل عليه ما صعب من أمره ، ودست إليه فأجابها واجتمع بها وتمكن حب كل واحد منهما من صاحبه ، ودام الامر بينهما وتمادى الانس إلى أن ذاكرته أمر الملك وأنها لا تأمن أن يصل خبرهما به فيهلكا ، وقالت له اعمل الحيلة في قتله ، وأنت ابن عمه فيكون [لك] الملك من بعده ونأمن على أنفسنا ، فلشدة حبه لها استحسن ذلك واستدعى بسم فدفعه إليها ، فدسته في شراب الملك فمات لوقته ، ودفن في الهرم مع الملوك.
وجلس فرعان الملك على سرير الملك ، ولبس التاج ولم ينازعه أحد ، وفرح الناس بمكانه لما كان عليه من الشدة والجرأة.
وأن فرعان علا في الارض وتجبر ، وهو الذي كان الطوفان في وقته ، وغصب الناس أموالهم وعمل في طريق الظلم ما لم يعمله أحد ، وأسرف في القتل وامتثل أصحابه فعله ، فهابته الملوك ، وأقروا له ، وهو الذي كتب إلى الدرمشيل بن يمحويل ملك بابل يشير عليه بقتل نوح عليه السلام.
وذلك أن الدرمشيل كتب إلى الآفاق يستعلم أهلها هل يعرفون آلهة غير الاصنام؟ ويذكر قصة نوح عليه السلام ، وأنه يريد تغيير ما هم عليه من عبادة الاصنام ، ويزعم أن له إلها غيرها لا يرى فكل أنكر ذلك.
أخبار الزمان ـ م (١٢)