فلما فرغ مما أراده دخل على الملك وقال له إن رأى الملك أن ينفذني إلى الدرمشيل لارى هذا الرجل الذي عمل السفينة وأناظره وأجادله على ما جاء به من هذا الدين لذي يظهره ، وأتبين حقيقة أمره فليفعل ، فعسى أن يكون سبب هلاكه ودفعه عما يدعيه ، فأعجب الملك منه وأمره بالخروج ، وكتب معه إلى الدرمشيل.
فسار فيلمون بأهله وولده ومضى معه تلاميذه حتى انتهوا إلى أرض بابل فقصد نوحا فأخبره بما قصده ، وسأله أن يشرح له دينه ففعل نوح عليه السلام ذلك ، فآمن به فيلمون وجميع من معه ، ولم يقصد فيلمون إلى الدرمشيل ولم يدفع إليه كتاب فرعان ولا رآه.
فقال نوح عليه السلام «من أراد الله به خيرا لم يصرف عنه ذلك» فلم يزل الكاهن مع نوح عليه السلام يخدمه هو وتلاميذه وولده إلى ان ركبوا السفينة.
وأقام فرعان الملك متمكنا في ضلاله وظلمه ، مدمنا على لهوه وقد استخف بالهياكل ، فضاقت أرضهم بها ، وكثر الظلم والهرج وفسدت الزروع وأجدبت الارض من كل ناحية ، وظلم الناس بعضهم بعضا ، ولم ينكر ذلك عليهم ، وسدت الهياكل والبرابي وطبقت أبوابها ، فجاءهم الطوفان وأقبل عليهم المطر في اربع وعشرين من الشهر.
وكان فرعان سكرانا فلم يقم إلا والماء قد عظم ، فوثب مبادرا يريد الهرم فتخلخلت الارض به ، وسبق يريد الابواب فخانته رجلاه وسقط على وجهه ، وجعل يخور كما يخور الثور إلى أن أهلكه الطوفان ومن دخل منهم الاسراب مات بغمها (١) ولحق الماء من [أعلى] (٢) الاهرام إلى حد التربيع ، وأثره ظاهر عليه إلى الآن.
__________________
(١) هكذا في الاصول ، وفي ق : ولعل الصواب بفمها ، أي قبل أن يصل إليها.
(٢) زيادة عن ق.