وكان بين درمان إلى البحر زروع وأجنة وعمارة ، وكان القوم الذين كانوا مع مصرايم جبابرة ، فقطعوا الصخور وبنوا المصانع والمعالم ، وأقاموا في أرغد عيش.
ونكح مصرايم بنتا من بنات الكهنة ، فولدت له ولدا فسماه قبطيما ، وتزوج بعد تسعين سنة من عمره مرأة أخرى فولدت له أربعة نفر : يقطويم ، واشمون ، وابريت ، وصابي ، فكثروا وعمروا الارض وبورك لهم فيها.
وقيل ان عدد من كان مع مصرايم ثلاثون رجلا من الجبابرة ، فبنوا مدينة سموها ناقة ، بلغتهم معناها ثلاثون ، وهي مدينة منف.
وكشف فيلمون الكاهن لمصرايم عن كنوز مصر وعلمه قراءة خط البرابي وما زبر على الحجارة ، وعرض عليهم معادن الذهب والفيروزج والزبرجد وغير ذلك ، ووصف لهم عمل الصنعة فجعل الملك أمرها إلى رجل يقال لسنطاس (١) ثقة من أهل بيته ، فكان يعملها في الجبل الشرقي ، فسمي الجبل به المقطم.
وعلمهم أيضا عمل الطلسمات وكانت تخرج من البحر دواب وتفسد زروعهم ، وما قارب البحر من جهاتهم فعملوا لها الطلاسم فغابت ولم تظهر بعد.
وبنوا على غير البحر مدنا منها رقوده بمكان الاسكندرية ، وجعلوا وسطها قبة من نحاس مذهب والقبة مذهبة.
ونصبوا فوقها مرآة معموله من أخلاط شتى قطرها خمسة أشبار ، وكان ارتفاع القبة من الارض خمسمائة ذراع ، فكانوا إذا قصدهم قاصديهم بأذاهم
__________________
(١) في ق : وكان عنده رجل ماهر يقال له مقيطام يعمل لهم الكيمياء والطلسمات الغريبة.