والقبط تزعم أنه رأى سبعين أعجوبة سنذكر منها بعد هذا ، وعمل على البحر أعلاما وزبر عليها اسمه ، وخرب مدن البربر حيث كانت ، وألجأهم إلى قرون الجبال ، ورجع فتلقاه أهل مصر بصنوف اللهو والطيب والرياحين ، وفرشوا له الطرق ، ودخل قصره موفورا ظاهرا ، وأخرج إليه ابنه ، وكان ولد له من بعده فسر به وابتهج وكمل فرحه ، واتصل خبره بالملوك فهابوه ، وحملوا إليه الهدايا من كل جهة.
وبلغه ن قوما من البربر والسحرة لهم تماثيل وبخورات عجيبة يضلون بها ، وتخاييل وهم في مدينة لهم يقال لها قرمودة في المغرب من أرض مصر ، وقد ملكوا عليهم امرأة منهم ساحرة يقال لها سطا.
واتصل به كثرة أذاهم للناس ، فعزاهم حتى إذا قرب منهم ستروا عنهم مدينتهم وسحروه ، فلم يرها وطمسوا مياههم ، فلم يعرفها ، فهلك كثير من أصحابه عطشا ، فلم يجد لهم حيلة في الوصول إليهم ، فزال عنهم ثم صعد إلى ناحية الجنوب.
ثم رجع إليهم على غير الطريق الذي سار إليهم عليها أولا ، فمر بهم بهيكل كانوا يحضرونه في بعض أعيادهم ، فأمر بهدمه فهدم بعضه ، وسقط منه موضع على جماعة من أصحابه ممن تولى هدمه فأهلكهم ، فلما رأى ذلك تركهم وانصرف عنهم ، وخرجوا إلى هيكلهم فبنوه وأصلحوا ما فسد منه وحرسوه بطلسمات محكمة ، ونصبوا في قبته صنما من نحاس مذهب.
وكان إذا قصدهم أحد صاح الصنم صياحا عظيما منكرا يرعب منه كل ذي روح ويبهت ، فيخرجون إليه فيصطلمونه.
وكانت ملكتهم أحذق منهم بالسحر فقالوا لها نعمل الحيلة في افساد