فلم يزل كذلك حتى غلبته سنة من النوم ، فنام مكانه فرأى كأن آتيا أتاه ، فقال له قد رحم الله تضرعك ، وعلم ضميرك وأجاب دعوتك ، وهو مهلك هؤلاء القوم ومدمرهم وصارف عنك الماء المفسد والدواب المضرة ، والامراض المهلكة.
فلما أصبح الكهنة غدوا عليه وسألوه حضور هيكلهم على ما وجههم به.
فقال لهم قد كفيتم أمر عدوكم ، وأزيل الماء المفسد والدواب المضرة عنكم ، ولن تروا بعدها شيئا تكرهونه ، فسكتوا ونظر بعضهم إلى بعض كالمنكرين لما سمعوه ، ثم قالوا له قد سررنا بما ذكره الملك دام عمره ، وهم يضمرون التكذيب والاستهزاء.
وخرجوا عنه فقال بعضهم لبعض الرأي أن لا تقولوا شيئا في هذا ، فان كان حقا ظهر سريعا ، وإن كان باطلا اتسع لكم اللفظ في ذمه ، وسيتبين أمره.
فلما كان بعد يومين انكشف ذلك الماء المفسد ، وجففته الشمس ، وهلكت تلك الدواب المضرة فعلم القوم صدق ما أخبرهم به.
وأمر الملك قائدا من قواده ورجلا من الكهنة أن يمضوا بجيش حتى يعلموا علم تلك المدينة ، فخرجوا إليها فأتوها ، فلم يروا مكروها ولا وجدوا مانعا.
فلما وصلوا إليها وجدوا حصنها قد سقط ، وأهلها عن آخرهم موتى ، واحترق بعضهم ، واسودت وجوههم ، ووجدوا بعض الاصنام ساقطة على وجوهها ، وأموالهم ظاهرة بين أيديهم.
فطافوا المدينة وفتشوها فلم يجدوا فيها غير رجل واحد حيا ، كان مخالفا