مغلقا فدخلت بيتي وأوقدت سراجا بنار كانت عندي ، ثم مشيت على جميع من في الدار رجالا ونساء صغارا وكبارا ، فلم أجد احدا منهم حيا فأقمت في نهاية من الرعب ابتهل إلى الله عزوجل وأدعو ، فلما أصبحت أقمت حتى طلعت الشمس و[بدا] النهار ، فلم أسمع صوتا ولا حركة ، فخرجت فوجدت المدينة على ما وجدها أصحاب الملك.
وكان هذا الرجل عاقلا مجربا فاتخذه الملك صاحبا ووزيرا وأنيسا ، ولم يزل مماليك الملك على التوحيد لله تعالى والايمان به ، وهو يسايس أهل بلاده ويداريهم عما في نفسه خوفا من اضطراب ملكه عليه.
وأمر فبني له ناووس ، وأمر أن يدفن فيه إذا مات وحده ولا يدفن معه أحد من أهله ، وأمر أن لا يدفن معه ذهب ولا فضة ولا تمثال ، وكتب بخطه صحيفة «هذا ناووس مماليك الملك ، ملك مصر وأعمالها ، مات وهو يؤمن بالله لا يعبد معه غيره ، ومتبرئ من الاصنام وعبادتها ، ومؤمن بالبعث والحساب والمجازاة على الاعمال عاش بكذا وكذا ، فمن أحب النجاة من عباد الله ، فليدن بما دان به» ، وقد كان دفن بموضع آخر كنوزا كثيرة وزبر عليها انه لا يخرجها إلا أمة النبي المبعوث في آخر الزمان يعني محمدا [عليه الصلاة والسلام] ودفع الصحيفة التي كتبه إلى الآمر بعده وأمره بسترها والاحتفاظ بها فإذا هو مات زبر ما فيها على ناووسه.
وكان طول حياته يقصد ناووسه يتعبد فيه مستترا عن جميع العالم ولما أيقن بالموت دعا ابنه فأسر إليه التوحيد وأعلمه انه دينه ، ولم ير منه إلا الخير وأمره أن يدين به ونهاه عن عبادة الاصنام ، فدان بذلك مدة حياة أبيه ، ومات فدفنه ابنه في ناووسه وزبر عليه ما في الصحيفة.
فلما فرغ من أمره جلس على سرير الملك ابنه اخريتا الملك ، وتقلد الامر