الشجاع من الماء فشرب وانساب حتى دخل جحره ، ومضى عبيد حتى قضى حوائجه بالشام.
فلما انصرف أغفى وهو في مفازة فلما انتبه وجد قلوصه قد ضل ، وهو على غير الطريق فأقام مكانه فلما جنه الليل إذا بهاتف يقول :
يا صاحب البكر البعيد مذهبه |
|
ما عنده من ذي رشاد يصحبه |
دونك هذا البكر منا تركبه |
|
حتى إذا الليل تولى غيهبه |
واقبل الصبح ولاح كوكبه |
|
فبعد حط رحله تستلبه (١) |
فلما سمع عبيد ذلك من الهاتف التفت ، فإذا عنده بكر كأحسن ما يكون فركبه فسار به بقية ليلته فأصبح في منزله ، وكان بينه وبين منزله إحدى وعشرون مرحلة فنزل عنها وأنشأ يقول :
يا صاحب البكر قد أنجيت من عطب |
|
ومن حمام يضل المدلج الهادي |
ارجع حميدا فقد اوليتنا مننا |
|
جوزيت من رائح بالخير أو غادي |
فأجابه البكر :
أنا الشجاع الذي ألفيتني رمضا (٢) |
|
في مهمه نازح عن أهله صادي (٣) |
فجدت بالماء لما ضن حامله (٤) |
|
رويت منه ولم تلمم بأنكاد (٥) |
الخير يبقى وإن طال الزمان به |
|
والشر أخبث ما اوعيت من زاد |
ثم قال إن الاسود الذي رأيته يطردني عبد من عبيدي أراد قتلي فكفيتني شره ، وأرويتني من ظمئي ولن يضيع الخير واستخلف الله عليك.
وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : أكثر الحيوان الداجن صفة الجن ، وان الكلاب من الجن ، فإذا رأوكم تأكلون فألقوا إليهم من طعامكم ، فان
__________________
(١) ت : فحط عنه رحله وسيبه
(٢) ب : ومضا.
(٣) ب : ماد.
(٤) ب : ظن جاهله.
(٥) ب : أرويت هامي ولم تهمم بانكاد. وفي ب أوتيت منه.