كثيرة ، وهي تحاذي بلاد الشجر فيها منابت اللبان ، وما يتصل بذلك من ارض عاد وجرهم والتبابعة.
وفيها قوم من العرب وهم في هذه الجزيرة في قشعمة وضيق عيش إلى أن تتصل بعمان وسواحل اليمن فيتسع امرهم قليلا ، وعيش هؤلاء من السمك ومن نبات عندهم ، وربما وقع إليهم العنبر فباعوه من أصحاب المراكب.
وبحر اليمن متصل ببحر البحار والقلزم ، وينقطع هناك ، ومن عجائب الجزائر التي في هذا البحر جزيرة يقال لها سلطا منها قوم يسمع كلامهم وضجيجهم وتصرفهم في معاشهم ، ومن وصل إليهم يخاطبهم ويخاطبونه ولا يراهم ، وسئلوا عن أمرهم فذكروا أنهم من الانس ، وأنهم كانوا بعث إليهم نبي يقال له سافر بن جردول (١) فآمنوا به وهم على دينه.
وإذا نزل الغريب إليهم جعلوا له من الزاد في ليلة ما يكفيه ثلاث ليال تمرا في نهاية الحلاوة والطيب ونارجيلا وطيورا مشوية على قدر اليمام ، أطيب مضغة من اليمام ، وإذا أراد من وقع عندهم الرجوع إلى أهله سيق له مركب واكثرهم لا يتجه له المسير عنهم حتى يحمل وإن لم يحملوه أقام على حاله ولم يسر إلى بلاد غيرها لطيب الموضع وكثرة الخير ، وقد عرف ذلك البحريون.
وجزيرة فرش ، وهو شجر عرفت به الجزيرة يحمل ثمرا في خلق اللوز إلا أنه اكبر منه ، يؤكل بقشره فيقوم مقام كل دواء ، ومن أكل منه لم يمرض إلى موته ولم يهرم ، وإن كان شعره أبيض عاد أسود ، ولهذه الجزيرة ملك يمنع منها ، وذكر أن بعض ملوك أهل الهند جلبه وزرعه فأورق ولم يثمر وجزيرة الدهان وهو شيطان في صورة الانسان راكب على ظهر طائر يشبه النعامة وعلى قدرها ، يأكل لحوم الناس وإذا طرحهم البحر رفعهم إلى
__________________
(١) الرسم يحتمل أن يقرأ : ساور بن جردول.
أخبار الزمان ـ م (٥)