«فدمّرناها» معطوفة على جملة «فحق عليها القول» وكقول الشاعر :
نرى الشّيء ممّا نتّقي فنهابه |
|
وما لا نرى ممّا يتّقى الله أكبر |
فجملة «نهابه» معطوفة على جملة «نتّقي».
تعداد حروف العطف : حروف العطف عشرة هي : الواو ، الفاء ، ثمّ ، حتّى ، أم ، أو ، إمّا ، لكن ، لا ، بل. ولكلّ منها من المعاني والأحكام الخاصّة ممّا تنفرد به عن سواها.
انظر : في مواد الحروف.
الفصل بين المتعاطفين : يكون الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه إمّا واجبا ، وإمّا مستحسنا ، وإمّا جائزا. ولكل فصل منها أحكام خاصّة.
١ ـ يكون الفصل واجبا في أمرين : الأول إذا عطف على مبتدأ خبره مقرون بالفاء فيجب تأخير المعطوف على الخبر ، فلا يقال : «الذي ينصحني وأبي فمخلص أو فمخلصان» ولكن يقال : «الذي ينصحني فمخلص وأبي» ، والثاني : أن يكون المعطوف عليه مصدرا عاملا فلا يصح العطف عليه إلّا بعد استيفاء عمله ، مثل : «ما أشدّ تحقير المعلم الكسلان واضطهاده له».
٢ ـ ويكون الفصل مستحسنا ومرجّحا في أمرين : الأوّل أن يكون المعطوف عليه ضمير رفع متّصلا فيعطف عليه بعد الفصل بالتوكيد اللفظي ، أو المعنوي ، أو بغيرهما ، كقوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١) فقد عطف «آباؤكم» على الضمير المتصل المرفوع في «كنتم» بعد توكيده توكيدا لفظيا بالضمير «أنتم».
ومثل قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٢) حيث عطف «زوجك» على الضمير المستتر المرفوع بـ «اسكن» بعد توكيده بالضمير المرفوع «أنت». وأما الفصل بالتوكيد المعنوي فمثل :
ذعرتم أجمعون ومن يليكم |
|
برؤيتنا ، وكنا الظّافرينا |
فقد أكّد الضمير المرفوع المتصل في «ذعرتم» توكيدا معنويا بـ «أجمعون» قبل العطف عليه. وقد يكون الفاصل غير ذلك ، كقوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ)(٣) فقد فصل ضمير النصب «الهاء» في «يدخلونها» بين المعطوف «من» والمعطوف عليه ضمير الرفع المتصل وهو «الواو» في «يدخلونها». وقد يفصل بينهما «لا» النافية ، كقوله تعالى : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٤) فقد عطف «بالواو» وفصلت لا النافية بينهما.
والمعطوف «آباؤنا» والمعطوف عليه ضمير الرفع المتصل بـ «أشركنا». وقد اجتمع الفصل بالتوكيد اللفظي مع «لا» النافية في قوله تعالى : (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ)(٥) المعطوف عليه هو الضمير المتصل المرفوع في «تعلموا» والمعطوف «آباؤكم» وفصل بينهما «لا» النافية والتوكيد اللفظي «أنتم». ويجوز للضرورة الشعرية العطف على الضمير المستتر المرفوع بغير فاصل ، كقول الشاعر :
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه |
|
ما لم يكن وأب له لينالا |
__________________
(١) من الآية ٥٤ من سورة الأنبياء.
(٢) من الآية ٣٥ من سورة البقرة.
(٣) من الآية ٢٣ من سورة الرّعد.
(٤) من الآية ١٤٨ من سورة الأنعام.
(٥) من الآية ٩١ من سورة الأنعام.