كل من جاء بعدهما من العلماء والمحدثين.
فكان موقفهما من مرويات الكليني اشبه ما يكون بموقف محمد بن احمد بن ادريس الحلي من فتاوى الشيخ الطوسي وآرائه في الفقه ، تلك الآراء التي ظلت اكثر من قرن من الزمن وكأنها من وحى السماء. ولا مصدر لذلك الا انه استطاع ان يفرض نفسه على تلاميذه وعلماء عصره ، بالاضافة إلى شخصيته العلمية وشهرته الواسعة ، ولما ظهر ابن ادريس المتوفى سنة ٥٩٨ هجرية ووقف من آرائه موقف الناقد المتحرر خالفه في كثير من آرائه ككل باحث متحرر لا يهمه الا احقاق الحق من مصادره. فأعاد الثقة إلى النفوس ، وبدأ هو وغيره من العلماء المعاصرين والمتأخرين عنه في تقييم آراء الطوسى ومؤلفاته وارجاعها إلى الاصول والقواعد ، بمد ان سيطرت على عقول العلماء والمفكرين وكادت ان تنسيهم فتح باب الاجتهاد الذي امتاز به فقهاء الشيعة على غيرهم من فقهاء المذاهب الاربعة ، ولذلك شواهد وأمثلة اخرى في تاريخ العلماء والمفكرين يدركها الباص المتتبع في تاريخهم ومؤلفاتهم تؤكدان شخصية العالم وثقته في النفوس تسيطران احيانا على اتباعه وتلاميذه وتستبد في عقولهم وتفكيرهم ، حتى يخيل إليهم ان جميع آرائه ونظرياته فوق الشبهات والاوهام.