الشيخين الجليلين ابي بكر وعمر الذين لم يجعلا لأولادهما نصيبا فيها. وفي ولدهما من هو ابر واصلح واتقى من معاوية واولاده بعشرات المرات ولو اردنا ان نستقصي البدع والمنكرات التي احدثها جماعة من الصحابة وماتوا وهم مصرون عليها لخرجنا من ذلك بمجلد اضخم من كتاب السباعي (السنة ومكانتها من التشريع) وكنت اتمنى ان لا ادخل في هذا الموضوع ، ولكني كما ذكرت اولا قد رأيت نفسي مضطرا لتقديم هذه الامثلة التي تؤكد ان الذين يرفضون مرويات الشيعة يتسترون بتلك الاسباب التي يدعونها ، والواقع ان السبب الاول والاخير الذي لا يمكن التكفير عنه ، ولا يدخله عنصر الاجتهاد الذي دخل على تصرفات معاوية واتباعه وعلى من وصغهم القرآن بالمنافقين. السبب الاول والاخير هو موالات الشيعة لعلي واهل بيته (ع) والرجوع إليهم في امور الدين والتكفير عن هذه البدع لا يمكن ان يكون الا بالرجوع عن موالاتهم والتمرغ على اعتاب بعض الصحابة بما فيهم معاوية واتباعه ، وما داموا مصرين على ذلك فهم مبتدعة كذابون ، والخوارج قوم صلحاء لا يجاملون ولا يستعملون التقية كما يصنع الشيعة ، ولم يكن وسطهم بالوسط الذي يلقبل الدسائس والزندقة والشعوبيين ، كما هو الحال بالنسبة إلى الرافضة على حد تعبير السباعي وغيره (١).
ونحن إذ نبارك له ولاسلافه من العلماء والمحدثين ، فكرة الرجوع إلى الخوارج واخذ الدين عنهم ، نريد ان نلفت نظر القراء إلى ان اهل السنة يشترطون العدالة في الراوي بالاضافة إلى الاسلام ، ويفسرون العدالة بفعل الواجبات واجتناب المحرمات ، مع العلم بان الخوارج يكفرون جميع المسلمين ، لانهم لم يشتركوا معهم في جهاد الامويين ، ويكفرون عليا واتباعه ، وعثمان وحزبه ، ويستحلون دماء واموال جميع
__________________
(١) انظر ص ٩٥ من الكتاب المذكور.