تضبطه العقول ولا تبلغه الاوهام ، ولا تدركه الابصار ، ولا يحيط به مقدار عجزت دونه العبارة ، وكلت دونه الابصار ، وضلت فيه تصاريف الصفات ، احتجب بغير حجاب ، واستتر بغير ستر ، وعرف بغير رؤية ، ووصف بغير صورة ، ونعت بغير جسم ، لا اله الا الله الكبير المتعال.
واكثر المرويات التي ذكرها الكليني حول نفي التجسيم تشير إلى ان هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم كانا يذهبان إلى القول به ، ولعل نسبة التجسيم التي الصقت بهما ظلما وعدوانا ، كانت من جملة الدوافع لسؤال الائمة عن هذه الناحية ، بالاضافة إلى شيوع هذه المقالة بين محدثي السنة وفقهائهم.
ولكن المتتبع لتاريخ هشام بن الحكم بصورة خاصة يطمئن إلى برائته من هذه التهمة (١) وقد ذكرنا في الفصول السابقة ان مرويات الكافي ليست كلها جامعة لشروط الصحة ، وان القسم الاكبر منها يدخل في نوع الضعيف نتيجة للتصنيف الذي احدثه الحلي واستاذه.
ويؤيد ذلك ان بين هذه المرويات التي تنسب التجسيم لهشام بن الحكم رواية علي بن أبي حمزة التي يدعى فيها ان هشاما يقول : ان الله جسم صمدي نوري ، وعلي بن اي حمزة من ضعفاء الرواة ، ومتهم بالكذب ، ووضع الاحاديث ، وبالاضافة إلى ذلك ، فقد كان من وكلاء الامام موسى ابن جعفر ، وتحت يده من امواله ثلاثون الف دينارا ، انكرها بعد وفاته ، وانحرف عن المخطط الاثني عشري ، وقد اطال المؤلفون في الرجال الحديث عنه ، وجاء في بعض نصوصهم انه كان من المجدين في اطفاء نور الله.
__________________ـ
(١) لقد تعرضنا لهذا الموضوع مفصلا في كتابنا الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة في خلال حديثنا عن التجسيم وما يترتب عليه من اللوازم الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها بحال من الاحوال.