جميع انواع الفساد والمنكرات واحياء جميع مظاهر الجاهلية ، بعدما حاربها النبي وكاد ان يجتث جذورها ، ولم يكتفوا بكل ذلك وحاولوا بواسطة انصارهم وعمالهم المنتشرين هنا وهناك ان يضعوا الخليفة فوق مستوى الرسول كما اشرنا إلى ذلك في الفصل الثالث من فصول هذا الكتاب.
وروى البخاري عن جنادة بن ابي امية انه قال : دخلنا على عبادة ابن الصامت وهو مريض فقلنا له اصلحك الله! حدثنا بحديث ينفعنا الله به سمعته من رسول الله (ص) فقال : دعانا النبي فبايعناه فكان فيما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا ، وان لا تنازعوا الامر اهله الا إذ تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (١).
وروى في باب إذا حرم الانسان طعامه ، ان عبيدالله بن عمر كان يقول : سمعت عائشة تزعم ان النبي (ص) كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا ، فتواصيت انا وحفصه ، ان ايتنا دخل عليها النبي (ص) فلتقل اني اجد منك ريح مغافير اكلت مغافير فدخل على احداهما فقالت ذلك له ، قال : لا بل شربت عسلا عند زينب ولن اعود
__________________ـ
(١) ص ٢١٢ المصدر السابق وتشر هذه الرواية إلى ان النبي (ص) كان يحثهم ويؤكد عليهم ان يستسلموا للحاكمين ممن يتولون الامور من بمده حتى ولو ظلموا وافسدوا ومارسوا المنكرات والمحرمات ولا يعارضوهم في شئ من ذلك مع العلم بان الثورة على الظلم والطغيان والاستبداد من ابرز المبادئ التى جاء بها الاسلام واكد النبي (ص) في عشرات المناسبات مواصلة الكفاح ضد الظلم والطغيان والتمرد على احكام الله وسننه مهما كانت النتا ئج فلا بد وان تكون هذه الرواية وامثالها من صنع الذين دونوا الحديث في قصور الخلفاء ليصرفوا الناس عن واقع اولئك الحكام الملوث بكل انواع الجرائم والمنكرات وظلم العباد.