«ما كان للنبي والذين امنوا معه ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا ذوي قربى» (١). ـ
لقد اسند الزهري هذه الرواية إلى سعيد بن المسيب وهي من جملة موضوعاته التي كان يتقرب بها للامويين لانه كان من اتباعهم وقضاتهم ، وغير بعيد عليه ان يضع لهم هذا الحديث ، بعد ان نسب إلى الرسول انه قال : لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ، ومسجد المدينة والمسجد الاقصى ، وان الصخرة التي وضع رسول الله قدمه عليها تقوم مقام الكعبة (٢).
ويهمهم اكثر من اي شئ ترويج المرويات التي تضع ابا طالب في صفوف المشركين وتمنح ابا سفيان زعيم الاسرة الاموية صفات الصديقين المؤمنين مع العلم بان الذين وصفوا ابا طالب بالمشرك لم يستطيعوا ان يتنكروا لجهوده التي بذلها في سبيل الرسول ودعوته ، والذين وصفوا ابا سفيان بالاسلام لم يفلحوا في كتم مكائده ودسائسه التي بذلها لتقويض دعائم الاسلام حتى بعد اسلامه المزعوم.
وفي باب بدء الوحي روى عن عائشة انها قالت : أول ما بدأ به رسول الله من الوير الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الغلاء ، فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل ان ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم
__________________ـ
(١) المصدر السابق ص ٢٣٥.
(٢) انظر تاريخ اليعقوبي ص ٨ ج ٢ ، لقد وضع الزهري هذا الحديث استجابة لطلب عبد الملك حينما منع الناس من الحج إلى مكة في عهد ابن الزبير ، وبعد ان اذاع حديث الزهري بين الناس بنى على الصخرة قبة وأمر الناس ان يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة في موسم الحج.