حائد لهما يسقيانه ، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس ، فقال كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة ، وكان عمار ينقل لبنتين ، فمر به رسول الله (ص) ومسح عن رأسه الغبار ، وقال ويح عمار : تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار (١).
وروى في باب طلب الولد للجهاد عن ابي هريرة ان النبي (ص) قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على مائة امرأة كلهن يأتي بفارس ، افعم تحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق رجل ، والذي نفس محمد بيده لو قال ان شاء الله : لجاهدوا في سبيل الله فرسانا اجمعون (٢).
ان سليمان بن داود كان من انبياء الله الصالحين ، وقد وهبه الله ملكا ليس لأحد مثله ، فسخر له الجن والانس ، وعلمه منطق الطير وجميع الحيوانات ، وليس على الله بمحال ان يعطيه قوة عشرات الرجال ويمدد له في ليلته ، ليستطيع ان يقوم بعلمة الجنس مع مائة امرأة في ليلة واحدة ، ليس ذلك بمحال عقلا ولكن مقام النبوة اسمى وأعلى من أن ينحدر بصاحبه إلى هذا المستوى الذي لا يليق حتى بالحيوانات وهل بلغ بهذا النبي الكريم الغرور إلى حد انه اصبح يرى نفسه مستطيعا لان يحقق هذه الاعجوبة بغير مشيئة الله سبحانه ، فينشئ جيشا مؤلفا من مائة فارس في ليلة واحدة ، مع العلم بأن هذا الزمان لا يتسع للاتصال بمائة امرأة ، ومهما كان الحال فالله يغفر لمحمد بن اسماعيل البخاري ، لو انه ترك هذا الحديث مع الستماية إلى التي اختار منها صحيحه ، لكان من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.
__________________ـ
(١) ومن المعلوم ان الذين كانوا يدعونه إلى النار هم الذين حاربوه في البصرة وقتلوه في صفين لانه دعاهم إلى الجنة والرجوع عن ضلالهم وعلى رأسهم معاوية وابن العاص وزمرتهما ، الذين روى عنهم البخاري في صحيحه عشرات الروايات.
(٢) ص ١٣٩ و ١٤١ ، ج ٢.