ان ترفعه إلى مرتبتك برفق واخلاص ، ولا تحمله ما لا يطيق فيخرج من حيث اردت اصلاحه.
ولم يكتف الإمام (ع) بهذه المناهج والقواعد التي تتكون منها الفضيلة والخلق الرفيع في نفس الانسان ، بل ضرب امثلة على ذلك ، كما جاء في رواية يعقوب بن الضحاك ، ان ابا عبد الله الصادق (ع) قال لاصحابه وهو يحدثم عن الفضيلة ومراتبها وكيف ينبغي لكل واحد ان ينظر الى الآخر ويتعاون معه ليرفع مستواه ، قال لهم : ان رجلا كان له جار نصراني فدعاه إلى الاسلام وزينه له فاجابه إليه ، وجاء في اليوم الثاني عند السحر فقرع عليه بابه ، ثم قال له : توضأ والبس ثوبيك لنخرج إلى الصلاة : فتوضأ وخرج معه فصليا ما شاء الله ، ثم صليا الفجر ومكثا حتى اصبحا ، فقام النصراني يريد منزله ، فقال له الرجل اين تذهب؟ ان النهار قصير ، والذي بيننا وبين الظهر قليل ، فجلس معه إلى ان صلى الظهر ، ثم قال له لم يبق إلى العصر الا القليل ، واحتبسه إلى إذ صلى العصر ، ولما اراد ان ينصرف إلى منزله قال له : ان هذا آخر النهار ، واحتبسه حتى صلى المغرب ، ثم قال له : لقد بقيت صلاة واحدة فسكت الرجل وانتظر إلى إذ صلى العشاء ، وتفرقا ، فلما كان وقت السحر طرق عليه الباب ، وقال له : قم فتوضأ واخرج لنصلي ، فقال النصرافي : اذهب واطلب لهذا الدين من هو افرغ مني فانا انسان مسكين ولي عيال فلا اطيق ان اتحمل دينكم ، قال أبو عبد الله الصادق (ع) ادخله في شئ واخرجه منه (١).
وروى في باب الطاعة والتقوى ، عن عمر بن شمر عن جابر الجعفي ان ابا جعفر الباقر (ع) قال : يا جابر ايكتفي من ينتحل التشيع ان يقول :
__________________
(١) والذي عناه الامام بذلك ، ان المسلم أرأد أن يفرض عليه ايمانه. فلم يتحمل فخرج من الاسلام ولم يعد إليه ، ولو انه تركه وحاول تقوية ايمانه بالطرق المألوفة تدريجا ، لكان باستطاعته ان يرفعه إلى حيث يريد.