نصرانيا فاسلمت وحججت ، فدخلت على الامام الصادق (ع) وقلت له : اني كنت نصرانيا واسلمت ، فقال واي شئ رأيت في الاسلام؟ قلت قول الله عزوجل : «ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء» فقال : لقد هداك الله ، ثم قال : سل عما شئت ، قلت ان ابي وامى على النصرانية وامي مكفوفة البصر فاكون معهم وآكل من آنيتهم ، فقال : يأكلون لحم الخنزير ، فقلت لا ولا يمسونه ، فقال لا بأس ، انظر امك فبرها ، وإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك ، وكن انت الذي تتولى امرها وتقوم بشأنها ، ولا تخبرن احدا انك اتيتني حتى تأتيني بمنى ان شاء الله.
قال فاتيته بمنى والناس حوله كأنه سلم صبيان ، هذا يسأله وهذا يسأله ، فلما قدمت الكوفة كنت اطعمها بيدي واخدمها بنفسي واتولى جميع شؤونها كما امرني الامام جعفر بن محمد (ع) فقالت : يا بني ما كنت تصنع بي هذا وانت على ديني ، فقلت لقد امرني بهذا رجل من ولد نبينا يدعى جعفر بن محمد ، فقالت والله ان هذه وصايا الانبياه ، اعرض علي دينك يا بني ، فعرضته عليها ، فاسلمت ، وادت ما عليها من فروض الاسلام ، ثم توفيت (١).
__________________
(١) لقد اشتمل سند هذه الرواية على أحمد بن محمد البرقى ، وعلى ابن الحكم ومعاوية بن وهب وهولاء الثلاثة من الممدوحين في كتب الرجال ، اما الراوي الاخير لها الذي رواها عن الامام (ع) فلم اجد من تعرض له بمدح ، أو ذم ، ويظهر منها ان النهي عن مباشرة أهل الكتاب من حيث انهم يباشرون النجاسات كالخنزير ونحوه ، لذا فان الامام (ع) قد رخصه بمبالشرة ابويه ، بعد ان تبين له انهما لا يأكلان الخنزير ، ولا يباشرانه ، ومن الممكن ان تكون هذه الطائفة من المرويات المفصلة مفسرة لبقية المرويات التي تعرضت لطهارتهم ونجاستهم بقول مطلق ، بان يراد من الاخبار الناهية عن مباشرتهم من حيث انهم لا يتجنبون النجاسات والاخبار التي رخصت بمباشرتهم من حيث ذاتهم.