اسيرا بيد الحجاج بن يوسف ، بعد ان انهزم ابن الاشعت في المعارك التي دارت بينه وبينهم ، فارسله إلى عبد الملك بن مروان فقتله صلبا.
واما غيلان الدمشقي ، فقد جرت بينه وبين عمر بن عبد العزيز مناظرات حول القدر فاقنعه بفساد هذه المقالة ، واظهر التراجع عنها ، فولاه عمر بن عبد العزيز بيع خزائن ملوك اسلافه الامويين ، وكان يكثر من سبهم والتشهير بمخازيهم وبالمنكرات التي ارتكبوها ، فاضمرها له هشام بن عبد الملك ولما تمكن منه في ايام خلافته قطع يديه ورجليه (١).
ومن الثابت ان الحكام كانوا يطاردون انصار هذه الفكرة لانها تحملهم مسؤولية اعمالهم ومنكراتهم ، ويتضح ذلك عندما نقارن بين قسوتهم مع هؤلاء وبين اكرامهم للقائلين ، بان القدر هو القضاء المحتوم على العباد والانسان لا يملك من امره شيئا. كما يدعى الجعد بن درهم ، اخذ الدعاة للقدر بهذا المعنى ، الملازم للامويين ، والمعلم لاولادهم ، ومنه اخذ هذه المقالة الجهم بن صفوان الداعية الثاني لها ، مع العلم بان القدر بالمعنى الاول ليس باسوأ من المعنى الثاني (٢) ومع ذلك فقد بالغوا في اكرامه والاحسان إليه.
ومهما كان الحال ، فالامام (ع) قد لعن المفوضة ووصفهم بالشرك في بعض المرويات ، لان التفويض يلزمه التعطيل وعدم الحاجة إلى بعث الرسل.
وفي العصر الذي ، ظهر فيه القدرية شاعت فكرة الارجاء ، وتطوع لحمايتها الحكام لانها تعطيهم صفة المؤمنين الابرار في وقت يجدون انفسهم
__________________
(١) الانتصار لابن الخياط ، ص ١٣٩.
(٢) لان القدر بمعنى التفويض يلزمه تعطيل ارادة الله سبحانه وعزله عن سلطانه ، والقدر بالمعنى الثاني يلزمه عدم استحقاق الانسان للثواب والعقاب على الطاعات والمعاصي لانه لا يملك من امره شيئا.