بالاسناد المقدم قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [لما] اراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة خرج إلى الغار ـ وقد أحاط المشركون بالدار ـ أن ينام على فراشه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له : يا علي اتشح (١) ببردي الحضرمي الاخضر ، ونم على فراشي فإنه لا يخلص (٢) إليك منهم مكروه إن شاء الله عز وجل ، ففعل ذلك فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام اني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه الحياة؟ فاختار كلاهما الحياة.
فأوحى الله عز وجل إليهما : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب عليهالسلام ، آخيت بينه وبين محمد ، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الارض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا ، فكان جبرئيل عليهالسلام عند رأسه وميكائيل عليهالسلام عند رجليه فقال جبرئيل : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب؟ يباهي الله بك الملائكة ، فأنزل الله تعالى على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن ابي طالب صلى الله عليه : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) الآية (٣).
٦٢ ـ [ثم] قال [الثعلبي :] ودليل ذلك ما رواه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله القائني قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي ببغداد قال : حدثني أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي بحلب ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني محمد بن منصور ، قال : حدثني أحمد
__________________
١ ـ يتوشح بثوبه اي يتغش به ، والاصل فيه من الوشاح ـ لسان العرب.
٢ ـ خلص إليه وبه الشئ : وصل ـ اقرب الموارد.
٣ ـ أخرجه الجزري في اسد الغابة ٤ / ٢٥ وروى نظيره الحسكاني في شواهد التنزيل ١ / ٩٦ ـ مستدرك الحاكم ٣ / ١٣٢ التفسير الكبير ٥ / ٢٠٤ ، مسند احمد ١ / ٣٣١ ، تفسير الطبري ٩ / ١٤٠.