من عمره يوم بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة ، وتوج بالنبوة.
إن أبرز الحوادث في حياة الامام علي ـ عليهالسلام ـ هو تكوين الشخصية العلوية ، وتحقق الضلع الثاني من المثلث الذي أسلفناه بواسطة النبي الاكرم وفي ظل ما أعطاه صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي ـ عليهالسلام ـ من أخلاق وأفكار ، لان هذا القسم في حياة كل انسان وهذه الفترة من عمره هي من اللحظات الخطيرة ، والقيمة جدا ، فشخصية الطفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقية تقبل كل لون وهي مستعدة لان ينطبع عليها كل صورة مهما كانت ، وهذه الفترة من العمر تعتبر ـ بالتالي ـ خير فرصة لان ينمي المربون والمعلمون فيها كلما أودعت يد الخالق في كيان الطفل من سجايا طيبة وصفات كريمة ، وفضائل أخلاقية نبيلة ، ويوقفوا الطفل ـ عن طريق التربية ـ على القيم الاخلاقية والقواعد الانسانية وطريقة الحياة السعيدة ، وتحقيقا لهذا الهدف السامي تولى النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه تربية علي ـ عليهالسلام ـ بعد ولادته ، وذلك عند ما أتت فاطمة بنت أسد بوليدها علي ـ عليهالسلام ـ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلقيت من رسول الله حبا شديدا لعلي حتى أنه قال لها :
اجعلي مهده بقرب فراشي وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يطهر عليا في وقت غسله ، ويوجر اللبن عند شربه ، ويحرك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويلاحظه ويقول : هذا أخي ، ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي ، وصهري ، ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي (١).
ولقد كانت الغاية من هذه العناية هي أن يتم توفير الضلع الثاني في مثلث الشخصية (وهو التربية) بواسطته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن لا يكون لاحد غير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل في تكوين الشخصية العلوية الكريمة.
وقد ذكر الامام علي ـ عليهالسلام ـ ما أسداه الرسول الكريم إليه وما قام به تجاهه في تلكم الفترة إذ قال : «وقد علمنم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ، ويكنفني
__________________
(١) كشف الغمة ١ / ٦٠.